جزر البحر الأبيض المتوسط
يعدّ البحر الأبيض المتوسط من أكبر المسطحات المائية، وقد أسهم بشكل كبير في بناء حضارات الأمم عبر العصور، سواء في الشرق أو الغرب. فقد كان هذا البحر هو الرابط البحري الأساسي الذي يربط بين قارات العالم القديم.
يتصل البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي من خلال مضيق يعرف باسم “مضيق جبل طارق”، كما يرتبط بقارة أفريقيا من الشمال عبر قناة السويس. ولا يزال البحر الأبيض يحتفظ بأهميته الكبيرة في مجال التجارة العالمية، خاصةً مع تقدم قطاع النقل البحري واكتشاف النفط في الدول المجاورة لسواحله. تنتشر في البحر العديد من الجزر، بعضها صغير وبعضها الآخر كبير. وتعتبر جزيرة صقلية من أكبر هذه الجزر من حيث المساحة والسكان.
صقلية: أكبر جزر البحر الأبيض المتوسط
تقع جزيرة صقلية في الجنوب الغربي من إيطاليا، وتبلغ مساحتها حوالي 25,426 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 5,000,000 نسمة، حيث يتحدث معظمهم اللغة الإيطالية. تأثرت صقلية بشكل كبير بالحضارة اليونانية القديمة التي ازدهرت في إيطاليا، وقد كانت من المدن المهمة التي ساهمت في التجارة البحرية بين أوروبا وآسيا وأفريقيا. تُعتبر مدينة “باليرمو” عاصمة الجزيرة وأكبر مدنها، إلى جانب مدينة كاتانيا القريبة.
تتمتع صقلية بالحكم الذاتي، حيث تمتلك برلمانًا وحكومة وعلمًا خاصًا بها، وهي تُعد من أكبر الأقاليم الإيطالية من حيث المساحة. كما يعتنق معظم سكان الجزيرة الديانة المسيحية الكاثوليكية، حيث تُعتبر إيطاليا مركز المذهب الكاثوليكي، ويقع في عاصمتها روما دولة الفاتيكان. يغلب على تضاريس صقلية الطابع الجبلي، حيث تشكل الجبال والتلال حوالي 80% من مساحة الجزيرة. تحتوي صقلية على أكثر من 15 نهرًا، وأطولها هو نهر “سالسو” الذي يمتد لما يقرب من 144 كيلومترًا.
الأنشطة الاقتصادية في صقلية
ساهم توافر العناصر الأساسية للزراعة، مثل المياه والتربة الخصبة والمناخ المعتدل، بشكل كبير في تطور قطاع الزراعة في الجزيرة. تُعتبر الزراعة الحرفة الرئيسية للسكان، حيث تنتج صقلية أكثر من 70% من إجمالي محصول إيطاليا من الحمضيات، و60% من اللوز، و25% من العنب. بالإضافة إلى ذلك، يساهم قطاع صيد الأسماك بشكل ملحوظ في الدخل الفردي للسكان، حيث تمتلك الجزيرة أسطولًا بحريًا يُعتبر الأكبر في إيطاليا، مما يجعلها تنتج حوالي 70% من الكمية الإجمالية للأسماك في البلاد. كما توجد في الجزيرة مجموعة من الصناعات الغذائية والصناعات الكيميائية، وأبرزها صناعة السفن، التي تُعتبر من الحرف التقليدية التي يمتهنها السكان.
على الرغم من هذه الأنشطة الاقتصادية، يواجه سكان صقلية تحديات كبيرة، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة، لا سيما مع تعرضهم لموجات من الهجرة غير الشرعية.