يعد المتنبي فريدًا في عالم الشعر، حيث يتميز بقصائده التي تحمل طابعًا خاصًا يميزها عن غيرها. يعتبر المتنبي رمزًا للشعر العربي، فقد طور أسلوبًا مميزًا يعتمد على بلاغة خاصة، ومن أبرز تقنيات التعبير لديه هو التشبيه. في هذا المقال، سنستعرض بعض التشبيهات التي استخدمها المتنبي في أدبه.
التشبيه في شعر المتنبي
يتميز شعر المتنبي بتشبيهات بلاغية فريدة من نوعها، وقد وصفها بعض النقاد بأنها تدفع العقل إلى التفكير. استخدامه للتشبيه يعد من أكثر الأساليب الفنية بروزًا، حيث تنوعت تشبيهات الرجاء بين تشبيهات مفردة وبلاغية ومركبة، مما ساهم في تجسيد المعاني التي أراد إيصالها.
ما يلفت النظر في شعر المتنبي هو حرصه على الابتعاد عن التشبيهات التقليدية، كما يظهر في قوله:
أَظَبيَةَ الوَحشِ لَولا ظَبيَةُ الأَنَسِ** لَما غَدَوتُ بِجَدٍّ في الهَوى تَعِسِ.
أهم الخصائص الفنية في شعر المتنبي
يمتاز المتنبي بالخصائص الفنية التي تتوزع بين بلاغية ولغوية، وسنستعرضها هنا:
1- أسلوب الإشارة
يعتبر أسلوب الإشارة أحد المميزات البارزة في شعر المتنبي، حيث كان شعراء العصر العباسي يميلون لاستخدامه بكثرة. وهذا يتضح في قصائده، كما ورد في قصيدته في مدح عبد الله بن يحيى البحتري، حين قال:
أذا الغُصْنُ أم ذا الدِّعصُ أم أنتِ فتنةٌ** وذَيّا الذي قَبّلتُهُ البَرْقُ أمْ ثَغرُ
فيضرب المتنبي مثالًا رائعًا من خلال كرره لاسم الإشارة (ذا) مرتين في البيت.
2- أسلوب النداء
من الملاحظ كثرة استخدام المتنبي لأساليب النداء في قصائده، كما في قوله:
يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي** فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ.
وكذلك في قوله:
فيا ابنَ الطّاعِنينَ بكُلّ لَدْنٍ** مَواضعَ يَشتَكي البَطَلُ السُّعالا.
ويا ابنَ الضّارِبينَ بكُلّ عَضْبٍ** منَ العَرَبِ الأسافِلِ والقِلالا.
3- كثرة استخدام الضمائر
يتسم شعر المتنبي بكثرة استخدام الضمائر، مما يُشبه النهج الصوفي، كما يتضح في قوله:
عجبتُ منك و منـّـي** يا مُنـْيـَةَ المُتـَمَنّـِي.
وأيضا:
أدنيتـَني منك حتـّـى** ظننتُ أنـّك أنـّــي.
كما يظهر في قوله:
وَتُسْعِدُني في غَمرَةٍ بَعدَ غَمْرَةٍ** سَبُوحٌ لهَا مِنهَا عَلَيْهَا شَوَاهِدُ.
يشتهر المتنبي بحبه لاستخدام الضمير (أنا) مما يدل على اعتزازه بنفسه، ويتجلى ذلك في قوله:
أنا صَخْرَةُ الوادي إذا ما زُوحمَتْ** وإذا نَطَقْتُ فإنّني الجَوْزاءُ.
4- التصغير
يتناغم التصغير في دواوين المتنبي بأسلوب مثير، حيث استخدمه في شعر المدح لتقليل الحجم والإهانة في مهاجمته لأعدائه. كما يتضح في قوله:
أفي كلّ يوْمٍ تحتَ ضِبْني شُوَيْعِرٌ** ضَعيفٌ يُقاويني قَصِيرٌ يُطاوِلُ.
أو لأغراض التكريس والتعظيم، كما يتضح في قوله:
أُحادٌ أمْ سُداسٌ في أُحَادِ لُيَيْلَتُنَا المَنُوطَةُ بالتّنادِي.
الخصائص اللغوية في شعر المتنبي
تُعتبر قصائد المتنبي تجسيدًا لشخصيته الفريدة ومواقفه خلال حياته، حيث يتمتع بموهبة في اختيار الألفاظ التي تعبر عن مراده بتميز. الكلمات مثل (ترج، تهجم، تتقدم، تقهر) تمثل نمطًا مميزًا لنسيج شعره.
سعى المتنبي لابتكار أسلوب جديد في الشعر يتجاوز الأنماط التقليدية، ونجح في صياغة الحكم بأسلوب فريد، حيث تجلى ذلك في القصائد التي مدح بها سيف الدولة الحمداني.
حيث عبر عن حبه الشديد له واعتزازه بصفاته، وبيّنت مقدمات هذه القصائد براعة استخدامه للمحسنات البديعية والقوة في الألفاظ التي سطرت معاني الفخر والانتماء، كما يتضح في قوله:
على قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ.
وبذلك، أوضحنا في هذا المقال تشبيهات المتنبي وأهم الخصائص الفنية واللغوية في شعره، التي تتضمن استخدام أسلوب الإشارة، أسلوب النداء، كثرة الضمائر، بالإضافة إلى استثماره للشواذ في اللغة.