آثار التوبة النصوح
تنعكس التوبة ورجوع العبد المسلم إلى ربّه -عزّ وجلّ- على حياته في الدنيا والآخرة بعدة آثار إيجابية، ومن أبرز هذه الآثار:
- تساعد التوبة العبد المسلم على تكثيف عودته إلى الله -عزّ وجلّ-، مما يعينه على تجنب الانشغال بالمشاغل الدنيوية. تعدّ التوبة سبيلاً لصرفه عن ارتكاب المعاصي، وتحتفظ به بعيداً عن كل ما يشغل فكره عن الله -سبحانه وتعالى-. فعندما يترك التائب تتبّع زلات الآخرين، يكرّس وقته في إصلاح نفسه ومجتمعه، ويعمل على الاقتراب من ربه لنيل رضاه، دون أن يتشتت بفوضى الحياة الفانية.
- تثمر التوبة محبة الله لعباده، كما يتجلى في قوله -عزّ وجلّ-: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ). فعند التوبة، يكون العبد محبوبا من الله، ويرتفع قدره ويُذكر اسمه بين الملائكة -عليهم السلام-. وقد ورد في حديث الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ). عندما يحب الله -عزّ وجلّ- عبده، يدبر له أموره ويُرضيه ويرزقه من حيث لا يحتسب، ويكتب له القبول في الأرض.
- تسهم التوبة في تحقيق السعادة؛ إذ تعدّ وسيلة للنجاح والتوفيق، والفوز بالجنة التي وعد الله -سبحانه وتعالى- بها عبادَه.
- يستشعر العبد ذنوبه عند العودة إلى الله -عزّ وجلّ-، مما يدفعه إلى التضرع والبكاء طلباً للمغفرة، وبالتالي لا يجد وقتاً للانشغال بملذات الحياة.
- تغير التوبة حال العبد نحو الأفضل، وتقربه من الله -عزّ وجلّ-، كما تحدث في قوله -عزّ وجلّ-: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). يتخلى العبد بشكل كامل عن الذنوب والمعاصي، وينصرف نحو الطاعات والعبادات بنية حقيقية لإصلاح الأعمال المستقبليّة.
- تحقق التوبة القناعة والرضا في قلب العبد، فضلاً عن الشكر والحمد، كما أن التوبة الصادقة تجعل العبد يشعر بالتقصير تجاه ربه، فيستشعر قيمة النعم التي أنعم الله -عزّ وجلّ- بها عليه.
تعريف التوبة النصوح
التوبة النصوح تعني: توبة خالصة لوجه الله -عزّ وجلّ-، تتميز بعدم وجود أي تردد أو عودة للمعاصي بعد العزم على التوبة. يتعلق الأمر بترك ما يتعارض مع التوبة بعد اتخاذ القرار، والتخلص من أي شوائب تتعلق بالإثم، مع الشعور العميق بالندم على ما سبق من ذنوب ومعاصي. وقد ذُكر مفهوم التوبة النصوح في العديد من الآيات القرآنية، منها قوله -عزّ وجلّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا).
حكم التوبة
أكدت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية على ضرورة المسارعة بالتوبة بعد ارتكاب الذنوب، إذ يتسبب تأخير التوبة في الإثم. فتعتبر التوبة ركيزة أساسية من أصول الشريعة الإسلامية، ولا يمكن الاستغناء عنها. ولذلك، فهي واجبة عن كل ذنب، وإذا كانت عن بعض المعاصي دون الأخرى، فهي صحيحة عن تلك التي تمت. ويُستحب أن يجدد التائب ندمه على معصيته ويعزم على عدم العودة إليها.