من هو أبو العباس القرطبي؟
يُعرف أبو العباس القرطبي، الذي يُدعى أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري المالكي، بأنه شخصية بارزة في علوم الدين. وُلِد في مدينة قرطبة في الأندلس عام 578 هجري، واشتهر بمختصر الصحيحين “صحيح مسلم” و”صحيح البخاري”. وكان لديه شرح مميز لصحيح مسلم من خلال كتابه المعروف “المفهم”.
لقب أبو العباس بــ “ضياء الدين” كما أسماه ابن فرحون، وكنيه بــ “ابن المزين”. التزم بالمدرسة المالكية، وقد نشأ في قرطبة قبل أن يُهاجر مع والده وهو صغير إلى مدينة فاس وتلمسان، ثم انتقل إلى الإسكندرية، وتوالت رحلاته إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة، وانتهى به المطاف في القدس.
رحلات أبو العباس القرطبي وتعليمه
يعتبر أبو العباس القرطبي واحدًا من أشهر العلماء الذين تنقلوا في طلب العلم منذ نعومة أظفاره، مُتبعًا أساليب التعلم من خلال السماع والرؤية. لقد حقق شهرة كبيرة في مجال العلم واكتسب مكانة مرموقة في حلقات العلم بمدن مثل قرطبة، فاس، سبتة وتلمسان. وقد تلقى تعليمه في الأندلس على يد الشيخ علي بن محمد بن علي بن حفص اليحصبي.
توجه القرطبي إلى المشرق، حيث ذهب إلى تونس وكان خططه تشمل الحج مرورًا بمصر. ولكن الأحداث الحربية في دمياط أجلت رحلته. بينما كان ينام في المسجد، رأى في منامه أنه يُسلم على النبي صلى الله عليه وسلم بجوار منبره، مما أعطاه الاطمئنان للمتابعة في رحلته. وبالفعل، وصل إلى الإسكندرية بعد ثلاثين يومًا، وبعد عشرة أيام من وصوله، انتهت الحرب في دمياط. أكمل أبو العباس رحلته لأداء الحج وزار قبر النبي الأكرم، حيث وجد المسجد كما رآه في حلمه، دون تغييرات تذكر.
أبرز المعلومات عن أبو العباس القرطبي
تميّز أبو العباس بشغفه العميق في العلوم الدينية، العربية، الشعر، الفقه والنحو. ويعتبر من الأفاضل في طلب العلم ومتعلمي القرآن الكريم. وفيما يلي بعض المعلومات البارزة عنه:
- نشأ القرطبي في كنف والده حتى وافته المنية عام 627 هجري.
- كان يتمتع بتواضع كبير في حياته، مُعبرًا عن اهتمامه بمظهره دون مبالغة. بدأ عمله في صناعة الخزف والفخار إلى جانب طلب العلم، وذلك نظرًا لانتشار هذه الحرف في زمنه.
- شهد القرطبي سقوط الأندلس وظل فيها حتى اتجه إلى المشرق طلبًا للعلم، ثم إلى مصر حيث التقى العديد من العلماء وتلقى منهم المعرفة.
- أشاد العديد من المؤرخين بزهده وتقواه، حيث وصفه ابن فرحون بأنه “كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين، الزاهدين في الدنيا”.
- تظهر كتب القرطبي انتقاده للفساد والابتعاد عن الدين، مما يعكس إيمانه بالآخرة.
- اتسم القرطبي بالشجاعة في مواجهة الظلم وجرأته في قول الحق، مستندًا إلى علمه وثقافته.
- تركيزه على طلب العلم كان واضحًا، حيث وصفه المترجمون بأنه “أوقاته معمورة بين توجه وعبادة وتصنيف”.
- للإمام القرطبي العديد من المؤلفات، من أبرزها: “التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة”، و”التذكار في أفضل الأذكار”، و”الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العليا”.
شيوخ الإمام القرطبي وأهم مؤلفاته
تلقي الإمام القرطبي تعليمه على يد عدد من الشيوخ، أبرزهم:
- الإمام المحدث أبو محمد عبد الوهاب بن رواج، الملقب بابن رواج، والذي توفى عام 648 هجري.
- العلامة بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة المصري الشافعي، المعروف بابن الجميزي، والذي توفي عام 64 هجري.
- العلامة ضياء الدين أحمد بن عمر بن إبراهيم المالكي القرطبي، صاحب “المفهم في شرح صحيح مسلم”، الذي توفي سنة 656 هجري.
- الإمام الحسن البكري، الحسن بن محمد بن عمرو التيمي النيسابوري، الذي توفي سنة 656 هجري.