أحب من النساء وهن شتى
يرى الشاعر الفرزدق:
أحب من النساء وهن شتى
حديث النزر والحدق الكلالا
موانع الحرام بغير فحش
وتبذل ما يكون لها حلالا
وجدت الحب لا يشفيه إلا
لقاء يقتل الغللال نهالا
أقول لنضوة نقبت يديها
وقد كدح رحل راكبها المحالا
ولو تدري لقلت لها اشمعلي
ولا تشكي إليك الكلالا
فإنك قد بلغت فلا تكوني
كطحينة وقد مليئت ثفالا
فإن رواحك الأتعاب عندي
وتكليفي لك العصَب العجالا
وردّي السوط منك بحيث لاقى
لك الحقَب الوضين بحيث جالا
فما تركت لها صحراء غول
ولا الصوان من جُذم نِعالا
تُدهدي الجندل الحري لما
عَلَت ضلضا تناقلته نقالا
فإن أمامك المهدي يهدي
به الرحمن من خشِي الضلالا
وقصرك من نِداه فبلّغيني
كفيض البحر حين عَلا وسالا
نظرتك ما انتظرتُ الله حتى
كفاك الماحلين بك المحالا
نظرت بإذنِك الدولات عندي
وقلت عسى الذي نصب الجبالا
أيا كبداً طارت صُدُوعاً نوافذاً
يقول قيس بن ذريح:
أيا كبداً طارت صُدُوعاً نوافذاً
ويا حسرتا، ماذا يُغَلغَلُ في القلب؟
فأقسم ما عُمش العيون شوارفٌ
رَوائم بَوٍّ حائمات على سَقبِ
تشمنهُ لو يستطعنَ ارتشفنهُ
إذا سفنَهُ يزدنَ نكباً على نكبِ
رئمنَ فما تنحاش منهنّ شارفٌ
وحالفن حبسا في المحُول وفي الجَدبِ
بأوجَد مِنّي يوم وَلت حُمولُهَا
وقد طلعت أولى الركاب من النقبِ
وكل ملمّات الزمان وجدتُها
سوى فرقة الأحباب هينة الخطابِ
إذا كفتلت مِنك النوى ذا مودةٍ
حبيباً بتصداعٍ من البين ذي شعبِ
أذاقتك مُرّ العيشِ أو متّ حسرةً
كما ماتَ مسقّي الضياحِ على ألبي
وقلتُ لقلبِي حين لجّ بي الهوى
وكلفني ما لا يُطاق من الحب:
ألا أيها القلب الذي قاده الهوى
أفِقْ لا أقرّ الله عينيكَ من قلبِ
أشهد أن لا امرأة إلا أنت
يقول نزار قباني:
أشهد أن لا امرأةً
أتقنت اللعبة إلا أنت
واحتملت حماقتي
عشرة أعوام كما احتملت
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأةً
تشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك إلا أنت
والعقل والجنون إلا أنت
والملل السريع
والتعلق السريع
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأةً
قد أخذت من اهتمامي
نصف ما أخذت
واستعمرتني مثلما فعلت
وحررتني مثلما فعلت
أشهد أن لا امرأةً
تعاملت معي كطفل عمره شهران
إلا أنت ..
وقدمت لي لبن العصفور
والأزهار والألعاب
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأةً
كانت معي كريمة كالبحر
راقية كالشعر
ودللتني مثلما فعلت
وأفسدتني مثلما فعلت
أشهد أن لا امرأة
قد جعلت طفولتي
تمتد للخمسين .. إلا أنت
أشهد أن لا امرأةً
تقدر أن تقول إنها النساء .. إلا أنت
وإن في سرتها
مركز هذا الكون
أشهد أن لا امرأةً
تتبعها الأشجار عندما تسير
إلا أنت ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي
إلا أنت ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي
إلا أنت
أشهد أن لا امرأةً
اختصرت بكلمتين قصة الأنوثة
وحرضت رجولتي علي
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأةً
قد غيرت شرائع العالم إلا أنت
وغيرت
خريطة الحلال والحرام
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأةً
تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال
تحرقني .. تغرقني
تشعلني .. تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
أشهد أن لا امرأةً
تحتل نفسي أطول احتلال
وأسعد احتلال
تزرعني
وردا دمشقيا
ونعناعا
وبرتقالاً
يا امرأة
اترك تحت شعرها أسئلتي
ولم تجب يوماً على سؤال
يا امرأة هي اللغات كلها
لكنها
تلمس بالذهن ولا تقال
تذكرت ليلى والسنين الخواليا
يقول قيس بن الملوح:
ذكرت ليلى والسنين الخواليا
وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا
بثمدين لاحَت نار ليلى وصحبتي
ذات الغضا تزجي المطيّ النواجيا
فقال بصير القوم ألمحتُ كوكباً
بدا في سواد الليل فرداً يمانيا
فقلت له بل نار ليلى توقدت
بعليا تسامى ضوءها فبدا لي
فليت ركاب القوم لم تقطع الغضا
وليت الغضا ماشى الركاب لياليا
فقلت ولم أملك لعمرو بن مالكٍ
احتفٌ بذات الرقمتين بدا لي
تبدلت من جدواك يا أمّ مالكٍ
ووساوس همٍ يحتضرن وساديا
فإن الذي أملتَ من أمّ مالكٍ
أشاب قذالي واستَهام فؤاديا
فليتكم لم تعرفوني ولَيتكم
تخلَيتُ عنكم لا عليَّ ولا ليَ
خليلَيَّ إن بانوا بليلى فقرِّبا
ليَ النعش والأكفان واستغفرا ليَ
وخطّا بأطراف الأسنة مضجعي
وردّوا على عينيَّ فضلَ رِدائي
ولا تحسدانى بارك الله فيكما
من الأرض ذات العرض أن توسعا ليَ
أراك طروبا ذا شجا وترنم
يقول يزيد بن معاوية:
أراك طروباً ذا شجٍ وترنّمٍ
تطوف بأذيال السجاف المخيِّمِ
أصابك عشقٌ أم بليت بنظرةٍ
فما هذه إلا سجية مغرمِ
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
يقول المتنبي:
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
وللحُبِ مالَم يَبقَ مِنّي وما بَقي
وما كنتُ ممن يدخل العشق قلبه
ولكن من يُبصر جفونك يعشقِ
وبين الرضا والسخط والقرب والنوى
مجال لدمع المقلّة المتراشقِ
وأحلى الهوى ما شكّ في الوصل ربُّهُ
وفي الهجر فهو الدهر يرجو ويُتّقي
وغضبى من الإدلال سكرى من الصّبا
شفعُتي إليها من شبابي برقيقِ
وأشنب معسول الثنيّات واضحٍ
سترت فمي عنه فقَبلَ مفرِقي
وأجياد غزلانٍ كجيدك زُرنني
فلم أتبين عاطلاً من مطوَّقِ
وما كل من يهوى يعفُ إذا خلا
عفافي ويُرضي الحب والخيل تلتقي