الإسلام وتأثيره على الحياة في العصر الأموي
تأسس العصر الأموي عام 661 م بفضل الأمويين بقيادة معاوية بن أبي سفيان، حيث اتخذوا من دمشق عاصمة لهم حتى استولى عليها العباسيون في عام 750 م. كان النظام الإداري للدولة الأموية يعتمد على الوراثة، وساهمت هذه الدولة في نشر الإسلام على نطاق واسع، حيث دخلت شعوب البربر في الدين الجديد. وقد شهدت الفتوحات الإسلامية توسعًا كبيرًا نحو الغرب حتى وصلت إلى إسبانيا، والشرق حتى شواطئ الصين.
أهم تأثيرات الإسلام على الحياة في العصر الأموي
التأثير على الشعر في العصر الأموي
كان الشعر في العصر الأموي نقطة انطلاق الأدب الإسلامي ويعكس التراث الجاهلي، كما أكد العديد من المؤرخين. اتسمت الأغراض الشعرية بالاحتفاظ بصفات من العصر الجاهلي، وكان الشعر السياسي هو السائد بسبب تزايد الأحزاب التي استغلت الشعراء للتعبير عن أهدافها ودعم مصالحها. كما أسهم انتقال الأمويين إلى مناطق جديدة كالعراق وبلاد الشام والأندلس والمغرب في ازدهار الشعر وتطوره، لاسيما شعر الغزل والترفيه. كان الشعراء يهتمون بتحسين قصائدهم ونقاشها، مما جعل العصر الأموي واحدًا من أبرز العصور الشعرية. ومن السمات الرئيسية للشعر في هذه الفترة يمكن ذكر الآتي:
- إتقان الشعراء لقواعد التجويد واهتمامهم بصياغة الألفاظ.
- توظيف المفردات والمعاني الإسلامية في قصائدهم.
- الالتزام بقافيات وأوزان معينة، واستخدام تراكيب لغوية قوية.
- البدء بالوقوف على الأطلال في قصائدهم، ومن ثم الربط بصلات القرابة والانتهاء بالثناء والدعاء.
- توثيق التاريخ وجميع الأحداث والحروب التي جرت خلال تلك الفترة.
- انتشار شعر الأضداد الذي تناول القضايا المتعلقة بالأنساب والاعتزاز بالعصبية القبلية.
التأثير على الحركة العلمية
تجلى تأثير الإسلام على الحياة العلمية في العصر الأموي في عدة جوانب:
- استخدمت المساجد كمراكز لنشر الدين وتعزيز قيمه، وأنشئت مكاتب لتحفيظ القرآن وتعليم مبادئ الدين الإسلامي، وتطوير الدواوين البحرية.
- قام الأمويون بتأليف العديد من كتب التفسير، ومن الأسماء البارزة في هذا المجال (عطاء بن أبي رباح) و(مجاهد بن جبر)، ولكن للأسف فقدت معظم مؤلفاتهم.
- عُرف الأمويون بتشجيع العلوم والعلماء، وكان من أبرز إنجازاتهم وضع النقاط على حروف القرآن.
- في هذه الفترة، تم تدوين علم الحديث الذي كان يُتناقل شفويًا، وذلك بعد أن أمر عمر بن عبد العزيز بجمعه بعد مخاوف من فقدانه مع موت حفاظه، ومن بينهم (محمد بن راشد) و(محمد بن مسلم) و(سفيان الثوري).
- يُعتبر القرن الثالث الهجري عصر المحدِثين، حيث بدأ العلماء بالبحث والتصنيف للأحاديث، وشهدت هذه الفترة ولادة (مالك بن أنس) مؤسس المذهب المالكي، و(أبو حنيفة النعمان) الذي أسس المذهب الحنفي في العراق ومصر وبلاد فارس ووسط آسيا.
التأثير على العمارة في العصر الأموي
أولَى الأمويون اهتمامًا كبيرًا بفن العمارة وبناء القصور والمدن والمساجد، حيث تميزت بتصاميم تعكس الملامح الإسلامية مع استخدام عناصر فنية فريدة. برز فن الزخرفة والفسيفساء، ومن بين المشاريع المعمارية المهمة كانت مدينة (واسط) التي خطط لها الحجاج بن يوسف الثقفي بموافقة الخليفة عبد الملك بن مروان، حيث تقع على بُعد أربعين فرسخًا من الكوفة ووسط مجموعة من المدن القديمة.
التأثير في الحياة الأدبية
تظهر التأثيرات الإسلامية في الحياة الأدبية بشكل جلي:
- أثرت ظهور الإسلام على الإنتاج الأدبي، حيث تلاشى العديد من الفنون الأدبية الجاهلية المرتبطة بالوثنية، في حين ظهرت فنون جديدة كانت تعكس المثُل الإسلامية وقيمها، مما جعل الأدب العربي يحمل سماته وخصائصه المميزة.
- ساهم ظهور الإسلام في ازدهار نوع من الخطابة الذي ابتعد عن الأغراض الجاهلية، وبدلاً من ذلك اتجه نحو خطابات تتضمن دعوات للجهاد ونشر الفتوحات الإسلامية، واستكشاف أغراض البيئة الإسلامية.
- ألغى الإسلام الأغراض المرتبطة بالتقرب للآلهة الكاذبة، مثل سجع الكهان، وأصبح الشعر وسيلة لتأكيد القيم الإسلامية، حيث أصبحت القصائد الشعرية خالية من ألفاظ الفتنة. كما تطورت فنون الكتابة بعد أن كانت محدودة في العصر الجاهلي، حيث لجأ الأمويون إلى الكتّاب الذين تعلّموا فنون الكتابة وأصولها.