أحكام النون والميم المشددتين
تناول العلماء في مجال التجويد أحكام حرفي الغنة المشددين، وقد أوضح الجمزوري في كتابه “تحفة الأطفال” ذلك بقوله:
“وغنَّ ميماً ثم نوناً شدداً *** وسم كلاً حرف غنةٍ بدا”.
فيما أكد ابن الجزري في مقدمته:
“وأظهر الغنة من نونٍ ومن *** ميمٍ إذا ما شددا”.
تعريف النون والميم المشددتين
الحرف المشدد يُعرّف بأنه يتكون من حرفين، الأول ساكن والثاني متحرك. وبالتالي، تُعتبر النون المشددة مركبة من نونين: الأولى ساكنة والثانية متحركة، بينما الميم المشددة تتكون من حرفي ميم كذلك، حيث تكون الأولى ساكنة والثانية متحركة.
الغنة ومراتبها
عرف الباحثون الغنة كصفة تُميز حرفي النون والميم، وحددوا مراتبها كما يلي:
- الغنة تعبر عن صوت مميز يُخرج من الخيشوم ويضاف إلى حرفي النون والميم.
- تتوافر الغنة على عدة مراتب، حيث تظهر بوضوح في الثلاث مراتب الأولى بقدر حركتين. أما في المرتبتين الأخيرتين، فتظهر بقدر حركة واحدة. وهذه المراتب تشمل: الغنة في الحرف المشدد، الغنة في الحرف المدغم، الغنة في الحرف المخفى، الغنة في الحرف الساكن، وأخيرًا الغنة في الحرف المتحرك.
- هذا الترتيب يشير إلى تباين قوة ظهور الغنة، حيث يُظهر الحرف المشدد (الميم والنون) أقوى درجات الغنة مقارنة بالغنة في الأحرف الأخرى.
موضعهما في الكلمة
نظرًا لسكون الحرف الأول في حالة التشديد، فإن النون والميم المشددتين لا تأتيان في بداية الكلمة، حيث إن اللغة العربية لا تبدأ بحرف ساكن. لكن وجود الشدة عليهما في بداية الكلمة في القرآن يُشير إلى الإدغام بغنة وليس دليلاً على بداية الكلمة بحرف غنة مشدد. من الأمثلة على ذلك: (حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) و(مِن نِّعمَةٍ).
سبب إفراد موضوعهما في كتب التجويد
خصصت كتب التجويد فصولاً لشرح حكم النون والميم المشددتين، وذلك لأن الغنة هي إحدى صفات هذين الحرفين. في حال وجودهما غير مشددين، تكون الغنة بحركة واحدة، وعند التشديد، يتطلب الأمر من القارئ زيادة مقدار الغنة لحركتين.
أخطاء شائعة في قراءة حرف الغنة المشدد
يميل القراء المبتدئون في علم التجويد إلى ارتكاب عدة أخطاء أثناء قراءة حرف الغنة المشدد، ومن أبرز هذه الأخطاء:
- التقليل أو المبالغة في الغنة، بحيث يُمكن أن تُقرأ بشكل غير ظاهر بحركة واحدة أو يتم المبالغة حتى تتجاوز الحركتين.
- إسقاط الغنة عند وجود حرف الغنة المشدد في نهاية الكلمة، والصحيح هو إثبات الغنة مع سكون الحرف.
- الإتيان بالمد قبل الغنة، حيث يُمكن أن يتضمن إمالة؛ عوضاً عن قراءة: (إِنَّا) يُمكن أن تُقرأ: إينّا، وبدلاً من أن تُقرأ (فَأَمَّا) تُقرأ: فآمّا.
ضرورة تعلم أحكام التجويد مشافهة
من أبرز الأمور في علم القراءة أن يتعين على الطالب تعلم هذا العلم من أفواه المقرئين المجازين الذين تلقوا هذه العلوم من مشافهة. حيث أن الاعتماد على الكتب وحده لا يعد كافياً، إذ يصعب على الطالب استيعاب النطق الصحيح للأحكام المختلفة إلا من خلال السماع والتعرض لها بشكل مباشر.