فتح مكة: تفاصيل وأحداث
تعتبر مكة المكرمة موطن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث بدأت دعوته. ورغم ذلك، لم يستطع النبي تأسيس دولته في مكة، مما دفعه إلى البحث عن مكان مناسب لتأسيس الدولة التي ستنشر الإسلام، حتى عثر على المدينة المنورة، حيث أسس الدولة الإسلامية. ومع ذلك، لم يتوقف عداء أهل مكة تجاه الإسلام بعد مغادرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل انقلب إلى صراع عسكري.
تطورت مجريات الصراع لتصب في صالح المؤمنين، حتى توصلت قريش إلى إدراك عجزها عن التخلص من المسلمين. وبناءً عليه، تم التوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين، شمل أحد بنوده السماح لأي قبيلة عربية ترغب في الانضمام إلى أحد الحلفين، وبالفعل، انضمت قبيلة بني خزاعة إلى حلف المسلمين، بينما انضمت قبيلة بني بكر إلى حلف قريش.
غزا النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة مصحوبًا بجيش من عشرة آلاف مجاهد في رمضان من السنة الثامنة للهجرة. وعندما اقتربوا من مشارف مكة، خرج إليهم مجموعة من رجال مكة، من بينهم العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، تلاه أبو سفيان، قائد مكة الذي أسلم متأثرًا بقوة جيش المسلمين، وعاد في محاولة لإقناع قريش بعدم مقاومة الجيش الإسلامي الضخم، مشيرًا إلى عدم قدرتهم على مواجهته.
عندما سمعت زوجته هند عن ذلك، بدأت تدعو لقتله، فقال لهم: “ويلكم! لا تستخفوا بأنفسكم، فقد أتاكم ما لا قبل لكم به. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن”. وعندها ردت عليه قريش قائلة: “قاتلك الله! وما الذي يغني عنّا دارك؟”، فأجابهم: “ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن”. وقد نقل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الكلمات حرصًا على تجنيب الدماء، وخص بها أبا سفيان لعزته بحسب ما أشار إليه العباس.
واصل النبي -صلى الله عليه وسلم- قيادته للجيش، وقسمه إلى فرق لتدخل كل منها من جهة، وأمرهم بعدم القتال إلا مع من يقاتلهم. وبالفعل، دخل جيش المسلمين مكة، ولم يحدث قتال بشكل عام إلا في مجموعة خالد بن الوليد، حيث اندلعت اشتباكات مع بعض فرسان قريش، بما في ذلك عكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو -رضي الله عنهما-، اللذان لم يكونا قد أسلما بعد.
الأسباب وراء فتح مكة
تشير الأحداث السابقة إلى قرب سيطرة المسلمين على مكة، فيما كان السبب المباشر لفتح مكة هو غزوة قبيلة بني بكر ضد قبيلة خزاعة، حيث قتلوا عددا من المسلمين الذين كانوا يصلون بمساعدات من قريش. مما يعني أن قريش نقضت عهد صلح الحديبية. عندها، استعد النبي -صلى الله عليه وسلم- لغزو مكة، مُشكِّلًا جيشًا كبيرًا قوامه عشرة آلاف مجاهد، دون أن يوضح للناس وجهته، لتحقيق عنصر المفاجأة.
نتائج فتح مكة
يمكن تلخيص نتائج فتح مكة في النقاط التالية:
- اعتناق أهل مكة للإسلام.
- طوال مكة المكرمة تحت السيطرة الإسلامية.
- تحطيم الطواغيت والتماثيل المحيطة بالبيت الحرام وداخلها.
- خضوع معظم أرجاء الجزيرة العربية لقوة المسلمين، ودخول العديد منهم في الدين بعد مشاهدتهم لقريش ومكة خاضعتين لسلطان الإسلام.