أشعار عن الصداقة
- يقول الإمام الشافعي حول الصداقة:
كم من صديق يظهر الود على اللسان، وعندما تحتاج إليه، لا تجد له أي عون.
إذا طلبت منه المساعدة، لن تجد سوى اعتذار، بعد أن يرفع الحواجب.
تتعثر الكلمات على شفته، وتتعقب نظراته أفقاً بعيداً.
يخفي ابتسامته كأنه يراك قد جئت بمصائب ترتدي على عاتقه مصائب.
والأصحاب من حولك يظهرون أنهم أوفياء لنيل المآرب.
وإذا احتجت إليهم أو ضاقت بك الأيام، فلن تجد لك في الدنيا من صديق.
اختبر صديقك قبل أن تحتاج إليه، فإن الصديق يُكتشف بعد التجارب.
أما صداقات اللسان، فهي كالأوهام وكحلم كاذب.
إذا كان الشخص لا يراعاك إلا بتكلف، فاتركه ولا تتأسف كثيراً.
في الناس بدلاء، وفي الترك راحة، وفي القلب صبر لمن يحب، حتى لو جفاه.
فما كل من تحبه يهواك قلبه، ولا كل من صافحته يكافئك بالمودة.
إذا لم يكن الوئام صفاءً طبيعياً، فلا خير في ود يأتي بتكلف.
ولا خير في صديق يخون صديقه، ويجافيه لأجل مواقف غير مبررة.
وينكر عيشاً قد مضى عليه الزمن، ويظهر سراً كان بالأمس مختفياً.
سلام على الدنيا إذا لم يكن فيها صديق صدوق، صادق الوعد ومنصف.
- يقول المتنبي:
عدوك من صديقك مستفاد، فلا تكثرنَّ من الأصحاب.
فإن الداء أكثر ما تراه، يحول من الطعام أو الشراب.
إذا انقلب الصديق إلى عدو، صار الأمر واضحاً إلى انقلاب.
ولو كان الكثير يطيب، لكانت مصاحبة الكثير من الصواب.
ولكن قلما استكثرت إلا أن سقطت على ذئاب في ثياب.
فدع عنك الكثرة، فكم كثيرة تُعاف وكم قليل مستطاب.
وما اللجج الملاح بمرويات، وتلقى الريق في نطف العذاب.
شعر عن وداع الصديق
- قصيدة لنزار قباني التي يودع فيها دفتره، صديق عمره:
وداعاً… أيها الدفتر.
وداعاً يا صديق العمر، يا مصباحي الأخضر.
ويا صدراً بكيت عليه، أعواماً دون أن يضجر.
ويا رفضي وسخطي، ورعادي وبرقي.
ويا ألماً تحول في يدي خنجر.
تركتك في أمان الله، يا جرحاً أزهَر.
فإن سرقوك من دُرجي وفضوا ختمك الأحمر،
فلن يجدوا سوى امرأة مبعثرة على دفتر.
في مدح الصديق
- يقول الشاعر نزار قباني:
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعد ومنصف.
لا شيء في الدنيا أحب لناظري
من منظر الأخوان والأصحاب.
وألذ موسيقى تسر مسامعي
صوت البشير بعودة الأحباب.
عاشر أناساً بالذكاء تميزوا
وارْتَحِ صديقك من ذوي الأخلاق.
أخلاء الرجال هم كثير،
ولكن في البلاء هم قليل.
فلا تغرنك خلّة من تآخي،
فما لك عند نائبة خليل.
وكل أخ يقول أنا وفي،
ولكن ليس يفعل ما يقول.
سوى خِل له حسب ودين،
فذاك لما يقول هو الفعول.
أصادق نفس المرء قبل جسمه،
و أعرفها في فعلها والتكلم.
وأحلم عن خلي وأعلم أنه،
متى أجزيه حلماً على الجهل يندم.
- يقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
يا صاحبي، وهواك يجذبني،
حتّى لأحسب بيننا رحماً.
ما ضرّنا، والود ملتئمٌ،
ألّا يكون الشمل ملتئماً.
الناس تقرأ ما تسطره،
حبرًا، ويقرأه أخوك دماً.
فاستبق نفساً غير مرجعها
عض الأناسل بعدما ندموا.
ما أنت مبدلهم خلائقهم،
حتّى تكون الأرض وهي سما.
زارتك لم تهتك معانيها،
غرّاء يهتك نورها الظلما.
- قال أيضاً:
يا من قربت من الفؤاد،
وأنت عن عيني بعيد.
شوقي إليك أشد من
شوق السليم إلى الهجود.
أهوى لقائك مثلما
يهوى أخو الظمأ الورود.
وتصدني عنك النوى
وأصد عن هذا الصدود.
وردت نميقتك التي
جمعت من الدر النضيد.
فكأن لفظك لؤلؤ،
وكأنما القرطاس جيد.
شعر عن الأخوة
- يقول الشاعر أبو العتاهية:
ألا إنما الإخوان عند الحقائق،
ولا خير في ود الصديق المُماذِق.
لعمرك ما شيءٌ من العيش كله،
أقَرَّ لعيني من صديق موافق.
وكل صديق ليس في الله ودّه،
فإني به، في ودّه، غير واثق.
أحب أخاً في الله ما صح دينه،
وأفرشه ما يشتهي من خلاقه.
وأرغب عما فيه ذل دنيوية،
وأعلم أن الله، ما عشت، رازقي.
صفي من الإخوان، كل موافق،
صبور على ما نابَه من بوائق.
أشعار متفرقة عن الصداقة
- يقول المتنبي:
إذا ترحلت عن قومٍ وقد قدروا
أن لا تفرّقهم، فالراحلون همُ.
شر البلاد مكانٌ لا صديقَ به،
وشر ما يكسب الإنسان ما يصم.
- يقول أبو فراس الحمداني:
ما كنت مذ كنت إلا طوع خلاني،
ليست مؤاخذة الإخوان من شاني.
يجني الخليل فأستحلي جنايته،
حتى أدل على عفوي وإحساني.
إذا خليلي لم تكثر إساءته،
فأين موضع إحساني وغفراني؟
يجني عليّ وأحنو صافحاً أبداً،
لا شيء أحسن من حان على جانِ.
- يقول محمود سامي البارودي:
ليس الصديق الذي تعلو مناسبه،
بل الصديق الذي تزكو شمائله.
إن رابك الدهر لم تفشل عزائمه،
أو نابك الهم لم تفتر وسائله.
يرعاك في حالتي بُعد ومقربة،
ولا تغبّك من خير فواصلُه.
لا كالذي يدّعي وداً وباطنه،
بجمر أحقاده تغلي مراجلُه.
يذم فعل أخيه مظهراً أسفاً،
ليوهم الناس أن الحزن شاملُه.
وذاك منه عداء في مجاملة،
فاحذره واعلم بأن الله خاذله.