يسعى الكثيرون للتعرف على الجوانب الفنية في شعر المتنبي، الرمز الكبير في أدب الشعر العربي القديم. لقد أصبحت قصائده محط اهتمام ونالت شهرة واسعة بين الكثيرين. فما هي تلك الجوانب الفنية وما هي أبرز الأعمال التي قدمها؟ في هذا المقال، سنستعرض أبرز ملامح الصورة الفنية في شعر المتنبي.
الجوانب اللغوية في شعر المتنبي
لا يمكن الإشارة إلى شاعر دون أن تكون لديه صورة فنية تتجلى في أشعاره، حيث تعكس هذه الصورة أسلوب تعبيره واستخدامه للبلاغة في أبياته. وفيما يلي نستعرض الخصائص اللغوية التي تميز شعر المتنبي:
- استعمل كلمات فريدة تعبر عن مشاعره، مثل “ترج”، “تهجم”، “تتقدم”، و”تقهر”.
- سعى إلى ابتكار نمط جديد في شعره ليكسر من حدة التقليدية التي اتبعها الشعراء الآخرون.
- أعاد صياغة الحكم بأسلوب رائع ومميز، وكان ذلك واضحًا في قصائده في مدح سيف الدولة الحمداني.
- اعتمد على الألفاظ القوية للتعبير عن معنويات الفخر والاعتزاز.
- أدخل إيقاعات صوتية في أبياته تسعد السامع والقارئ.
- تميّز باستخدام أسلوب الإشارة في الكثير من قصائده.
- استخدم النداء بشكل متكرر.
- اعتمد على استخدام الضمائر، مما جعل أسلوبه أقرب إلى الطريقة الصوفية.
- استعمل التصغير والغرائب في اللغة، بالإضافة إلى بعض الظواهر النحوية الشاذة.
من الأبيات التي تظهر فيها الصورة اللغوية الفنية بشكل واضح:
إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ ** فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ
فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِير ٍ** كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ
الجوانب البلاغية في شعر المتنبي
تتجلى العديد من الأبعاد البلاغية في شعر أبي الطيب المتنبي، إليكم بعض النقاط التي تبرز ذلك:
- نجح في تقليص الألفاظ لتتناسب مع المعاني دون الخلل بها.
- اهتم بالدقة في الوصف مستخدمًا المصطلحات المناسبة.
- كانت لديه قدرة مميزة على استحضار الصور الحقيقية من خلال التخيل، مما انعكس في شعره.
- استخدم الصور التخيلية بكثرة، مما يظهر مهارته في هذا الجانب.
- عمل على توظيف أكثر من كلمة تؤدي نفس المعنى لتعزيز الفكرة في أبياته.
- استغل التكرار لخلق تآلف صوتي نهائي أثناء الاستماع، مما أضفى صفة موسيقية جذابة.
ومن أبرز الأبيات التي تتميز بالصورة البلاغية ما يلي:
أنَا الذي نَظَرَ الأعْمَى إلى أدَبي ** وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ
أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا ** وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ
أهم قصائد المتنبي
إليكم بعض من الأبيات القصيرة التي تعتبر من أشهر ما كتب المتنبي:
- أروحُ وقد ختمتَ على فُؤادي بحبِّك أن يَحِلَّ به سِواكَا ولو انّي استطعتُ خفَضتُ طَرفي فلم أُبصِرْ به حتّى أراكَا.
- أَلَحَّ عَلَيَّ السُقمُ حَتّى أَلِفتُهُ وَمَلَّ طَبيبي جانِبي وَالعَوائِدُ.
- تُهابُ سُيوفُ الهِندِ وَهيَ حَدائِدٌ فَكَيفَ إِذا كانَت نِزارِيَّةً عُربا.
- يا مَن يَعِزُّ عَلَينا أَن نُفارِقَهُموِجدانُنا كُلَّ شَيءٍ بَعدَكُم عَدَم.
- وَهَكَذا كُنتُ في أَهلي وَفي وَطَني إِنَّ النَفيسَ غَريبٌ حَيثُما كانا.
- هامَ الفُؤادُ بِأَعرابِيَّةٍ سَكَنَت بَيتاً مِنَ القَلبِ لَم تَمدُد لَهُ طُنُبا.
- مكارِمٌ لَكَ فُتَّ العالَمينَ بِها مَن يَستَطيعُ لِأَمرٍ فائِتٍ طَلَبا.
- أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ.
لم يحصل الشاعر أبو الطيب المتنبي على لقب “مالئ الدنيا وشاغل الناس” عبثًا، حيث تتضح الصور الفنية المتنوعة في أشعاره، سواء كانت لغوية أو بلاغية. وقد تناولنا في هذا المقال الصفات الفنية المختلفة مع إدراج أمثلة شعرية تتضح دلالاتها.