ما هي خلفية نزول سورة الفاتحة؟
أوضح علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- كان عندما يُحسّ برغبة في الخروج، يسمع مناديًا ينادي عليه قائلًا: “يا محمد”. وكان يتخذ من هذا النداء فرصة للهرب. ناقش هذا الأمر مع ورقة بن نوفل، الذي نصحه بأن يبقى ثابتًا في مكانه عند سماع النداء ليتعرف على ما يحدث. لذلك، اتبع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- نصيحته، وعندما سمع النداء، قام بمواجهة الموقف ورد قائلًا: “لبيك”. عند ذلك، طلب منه المنادي أن يشهد بعبارة التوحيد، ثم قرأ عليه سورة الفاتحة كاملة.
تسلسل نزول سورة الفاتحة
تتبع سورة الفاتحة في نزولها سورة المدثر التي تضمنت العديد من آيات الإنذار التي كلف الله -عز وجل- نبيه -صلّى الله عليه وسلّم- بنقلها. من هذه الآيات كان التحذير من يوم القيامة وعذاب جهنم، ثم جاءت سورة الفاتحة لتتناول المبادئ الأساسية للدين، وتمجيد الله -تعالى- والتعبير عن عظمته؛ فهو مالك كل شيء في الدنيا والآخرة. وتوضح السورة أيضًا مسار الهداية الذي يتبعه المؤمنون الذين أنعم الله عليهم، كما تحدد مسار الضلال والذي يتمثل في الكافرين الذين غضب الله عليهم. بعد ذلك، أنزل الله -تعالى- سورة المسد التي تثبت أن العقوبة ستلحق بكل من يحاول معارضة الدعوة أو المساس برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، حتى لو كان من أقربائه، مما يعكس شمولية رسالة الإسلام.
مكان نزول سورة الفاتحة
تُعتبر سورة الفاتحة من السور المكية، وتتألف من سبع آيات. وقد سُميت بهذا الاسم لأنها تُفتتح بها آيات القرآن الكريم. تحمل السورة مسميات عديدة مثل السبع المثاني، وذلك لكون عدد آياتها سبع، ولما لها من أهمية بالتكرار في الصلاة. تعرف أيضًا باسم أم القرآن، نظرًا لاحتوائها على معاني متعددة مثل التوحيد والأحكام والجزاء، بالإضافة إلى طرق الحياة البشرية. وإضافة إلى ما سبق، تتميز سورة الفاتحة ببعض الخصائص الفريدة؛ إذ تُعد من أركان الصلاة، وهي واحدة من أهم الشعائر في الإسلام بعد الشهادتين. كما أنها تُستخدم كرقية تُقرأ على المريض لتكون سببًا في شفاءه بإذن الله -تعالى-.
الدروس المستفادة من سورة الفاتحة
تحتوي سورة الفاتحة على مجموعة من الدروس المهمة، ومنها:
- مشروعية بدء الكتب والخطب والمواعظ بالبسملة وحمد الله -تعالى-، اقتداءً بالقرآن الكريم الذي افتتح بالبسملة.
- تمجيد الله -تعالى- والثناء عليه تعبيرًا عن استجابة لأمره ولتعزيز صفاته الكاملة.
- تأكيد أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الألوهية من خلال اسم الله -تعالى- “الله”، توحيد الربوبية من قوله -تعالى-: “ربِّ العالمين”، وتوحيد الأسماء والصفات مثل الرب، الرحمن، الرحيم، والملك.
في الختام، نزلت سورة الفاتحة على النبي محمد بعد نصيحة ورقة بن نوفل بأن يثبت عند سماع النداء. تعتبر هذه السورة مكية وتتكون من سبع آيات، نزلت بعد سورة المدثر وقبل سورة المسد، وقد أكدت على العديد من المعاني، خصوصًا أنواع التوحيد الثلاثة.