في العصر الحالي، يسافر الأفراد لأسباب متنوعة، نتيجة للتطور الحضري والسهولة التي توفرها وسائل النقل الحديثة. لذا، نقدم هنا تعريف الرحالة المعاصرين وما هي دوافع سفرهم، حيث يقوم الناس اليوم برحلات بهدف البحث عن المعرفة، السعي وراء الرزق، أو لأسباب أخرى. تابعونا عبر موقع نرتحل للغوص في تفاصيل حياة رحالة العصر الحديث.
لمحة عن الرحالة
مع بداية القرن الثالث الهجري وما بعده، بدأت فكرة السفر واستكشاف العالم تتجلى بين العرب والمسلمين، حيث عملوا على وصف مناطقهم وتضاريسها وحياة الشعوب المختلفة، موثقين هذه المعلومات في كتب أضحت مراجع رئيسية للباحثين العرب والغربيين. في السطور التالية، نستعرض أبرز رحالة المسلمين عبر التاريخ.
شاهد أيضًا:
1 – ابن بطوطة
يُعتبر ابن بطوطة بلا منازع من أشهر الرحالة العرب والمسلمين على مر العصور. قام برحلات شاملة عبر العديد من البلدان وسجل مشاهداته في مؤلفه المعروف “تحفة النظار في غرائب الأراضي وعجائب الرحلات”.
وُلد ابن بطوطة، الذي يُعرف باسم محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي، في طنجة لعائلة مسلمة تعنى بالعلوم الشرعية. تلقى تعليمه في مجالات العلوم الشرعية والعربية والأدب، مما ساهم في تشكيل كتابه الشهير.
بعد إنهاء دراسته في الشريعة، بدأ برحلته للحج، مما أطلق رحلة استمرت لأكثر من 30 عامًا، زار خلالها بلاد المغرب ومصر والسودان والشام والحجاز والعراق وفارس واليمن وعُمان والبحرين وتركستان وأجزاء من الهند والصين وجاوة والمناطق التترية وأواسط أفريقيا.
شاهد أيضًا:
2– الشريف الإدريسي
الشريف الإدريسي المعروف أيضًا باسم أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن إدريس الشريفي، هو عالم مسلم من بيت النبوة، يُعتبر واحدًا من أبرز الجغرافيين في التاريخ ومؤسسي علم الجغرافيا.
استُخدمت الخرائط التي رسمها لتوثيق فترة النهضة الأوروبية، حيث جسد فيها مصبات الأنهار والجبال والبحيرات، بالإضافة إلى معلومات تفصيلية عن المدن الرئيسية وحدود الدول.
يُعتبر الإدريسي من أشهر المسافرين العرب والمسلمين، وهو أول من رسم خريطة للعالم تتماشى مع الشكل الذي نعرفه اليوم.
شاهد أيضًا:
3 – ابن جبير الأندلسي
أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير، المعروف باسم ابن جبير الأندلسي، وُلِد في فالنسيا عام 540 هـ/ 1145م.
ابن جبير هو جغرافي، رحالة، كاتب، وشاعر أندلسي، حيث أتم حفظ القرآن الكريم ودرس علوم الدين بشغف كبير. قرر القيام برحلة حج استمرت حوالي سنتين، موثقًا ملاحظاته في يومياته المعروفة باسم “رحلة ابن جبير” والتي تُعرف أيضًا بتسمية “تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار”.
بدأت رحلته من غرناطة، ثم انتقل عبر سبتة، طرابلس، جزيرة كريت، صقلية، الإسكندرية، القاهرة، مكة، المدينة، دمشق، بغداد، الموصل، وحلب.
4 – أحمد بن فضلان
أحمد بن العباس بن راشد بن حماد البغدادي، عالماً إسلاميًا من القرن العاشر الميلادي، كتب وصفاً لرحلته كعضو في سفارة الخليفة العباسي إلى ملك الصقالبة في منطقة بلغار الفولجا عام 921 م.
قام أحمد بن فضلان بزيارة روسيا ممثلاً عن الخليفة العباسي، واصل إلى بلغار في 12 مايو 922، ومنذ ذلك الوقت، تُحتفل هذه المناسبة في تتارستان الحالية كأحد الأعياد الدينية.
ألهمت رحلته العديد من الأعمال الأدبية، مثل رواية “آكلة الموتى” وفيلم “المحارب الثالث عشر”، حيث جسد الممثل أنطونيو بانديراس شخصية ابن فضلان بينما أدى عمر الشريف دور المترجم.
5 – أحمد بن ماجد النجدي
أحمد بن ماجد بن محمد السعدي النجدي هو ملاح وجغرافي عربي مسلم، أبدع في مجالات الفلك والملاحة والجغرافيا، حيث لقبه البرتغاليون بـ “أمير البحر”، وعُرف بمُعلم بحر الهند.
كتب العديد من المرجعيات الملاحية، وكان خبيرًا في الملاحة في البحر الأحمر وخليج بربرا والمحيط الهندي وبحر الصين.
يُعتبر ابن ماجد أحد أشهر الأسماء في تاريخ الملاحة البحرية بسبب جهوده في الرحلة الشهيرة حول رأس الرجاء الصالح إلى الهند حيث ساعد فاسكو دي غاما في اكتشاف الطريق الجديد إلى الهند.
6 – ابن خلدون
عند الحديث عن أبرز الرحالة العرب والمسلمين، لا بد من ذكر العالم والمؤرخ والأديب المسافر، عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، الذي يُعتبر مؤسس علم الاجتماع والعمران.
تجاوزت شهرته القارات، فهو معروف في المشرق والمغرب كواحد من أعظم علماء الاجتماع، وُلِد في عام 732 هـ لعائلة عربية الأصل، لكنه نشأ في تونس.
قام برحلات عبر بلاد المغرب والأندلس، ثم استقر لاحقًا في مصر حيث تولى منصب القضاء في عام 876 هـ.
للأسف، غُرقت أسرته في البحر أثناء انتقالهم من تونس إلى مصر، مما ألحق به حزنًا كبيرًا، فقرر ترك منصبه للتفرغ للكتابة والتعليم.
في هذا المقال، كنا نبحث في أسماء بعض الذين ارتحلوا حول العالم، مقدمين لنا الثقافات والتراث وملامح الشعوب التي عاشت في تلك البلدان. لقد أسهم عدد من هؤلاء الرحالة في تأسيس علم الاجتماع وابتكار أول خريطة للعالم كما نعرفها اليوم.