أدوات السياسة النقدية في إطار الاقتصاد الإسلامي
تشير أدوات السياسة النقدية في الاقتصاد الإسلامي إلى الوسائل التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية وتقتصر على ما هو مباح، حيث تشمل هذه الأدوات ما يلي:
إلغاء كافة القروض والفوائد الربوية بالنسبة للبنوك
لا بد من الإشارة إلى أن تطبيق المبادئ الشرعية يتطلب إلغاء العديد من الأدوات النقدية الشائعة في النظام الاقتصادي الذي يعتمد على الربا. ومن بين هذه الأدوات هو إلغاء القروض والفوائد الربوية التي تُفرض على البنوك التقليدية، سواء من قبل البنوك المركزية تجاه البنوك التجارية أو بين البنوك التجارية وعملائها.
في الشريعة الإسلامية، يُعرف القرض بأنه عقد يُبرم بين الدائن والمدين يُشترط فيه أن يُقابل القرض ردّ المال بدون إضافة فائدة. وبالتالي، يجب أن لا يُحقق القرض أي نفع مادي، وهو ما يتنافى مع النصوص الشرعية. لذا فإن عقود القروض التي تتضمن فوائد تُعتبر عقوداً محرّمة وغير صحيحة، وينبغي إلغاؤها واستبدالها بقروض حسنة أو بأشكال تمويل أخرى يُسمح بها شرعًا، مثل المشاركة والمضاربة والإجارة.
إيقاف استخدام أداة إعادة سعر الخصم
يمكن توضيح مفهوم إعادة الخصم بأنه عملية يقوم المصرف من خلالها بتسريع الدفع لحامل الورقة المالية (العميل) مقابل خصم نسبة معينة من قيمتها الأصلية، على أن يستثمر المصرف القيمة الكاملة عند حلول موعد استحقاقها.
ينطبق نفس الحكم على تعاملات البنوك التجارية مع عملائها كما ينطبق على تعاملات البنوك المركزية مع البنوك التجارية. ويُعتبر هذا النوع من المعاملات بمثابة ربا النسيئة، مما يجعله محرمًا شرعًا، وبالتالي يجب إيقاف استخدام سعر إعادة الخصم كأداة من أدوات السياسة النقدية.
هناك عدة بدائل إسلامية مقترحة لأداة إعادة سعر الخصم، ومنها:
- تعديل نسب المشاركة في الأرباح للتمويلات المقدمة.
- التحكم في نسب المضاربة التي تُخصص للبنك الإسلامي.
إعادة هيكلة الاحتياطي الإلزامي
يعتبر الاحتياطي الإلزامي من صور تدخل الدولة في إطار السياسة الشرعية، ولكن يجب أن يكون هذا التدخل وفقًا لضوابط محددة. فمطالبة البنك المركزي للبنوك التجارية بإيداع جزء من أرصدتها دون مقابل تعد من مظاهر الاستحواذ على أموال مملوكة للغير، لذا يجب الحرص على احترام الملكية الخاصة وحمايتها، خاصةً إذا تعرضت هذه الأموال للإساءة في الاستخدام من قبل البنوك.
يمكن القول إن الحل يكمن في تمكين البنوك المركزية من متابعة نشاط البنوك التجارية للحد من إسرافها في خلق الائتمان، إضافة إلى ضرورة وجود مصدر مستمر من السيولة تحت تصرف السلطات النقدية لتنظيم حجم السيولة في السوق النقدية.
السياسة النقدية في سياق الاقتصاد الإسلامي
تُعد أدوات السياسة النقدية في الاقتصاد الإسلامي كما تم ذكره سابقًا، أدوات خالية من ما هو محرم، مثل الربا والغرر والميسر. Fهذا الثالوث يُعتبر أساسًا لتحديد مدى شرعية المعاملات في الإسلام، خاصة تلك المتعلقة بالسياسة النقدية وغيرها من الالتزامات المالية. يسعى الإسلام من خلال أحكامه، خاصة في المعاملات المالية، إلى تحقيق العدل والأمان والإحسان.
يمكن الاستفادة من أدوات السياسة النقدية في الاقتصاد الإسلامي طالما أنها لا تتعارض مع التشريع الإسلامي، وتُظهر كفاءتها من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية. من المهم أيضًا ملاحظة أن فلسفة التحريم في التشريع الإسلامي تهدف إلى حماية أموال الناس ومنع الظلم والاستغلال، وتعزيز التطور والنمو في الاقتصاد الدولي.