التوكل على الله يعد مقاماً رفيعاً من مقامات العبادة، حيث يُعتمد عليه في مواجهة ضغوط الحياة. فهو يمثل أفضل وسيلة تجعل الفرد ينتقل من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة. في هذا المقال، سنستعرض تعريف التوكل والتمييز بينه وبين التواكل.
تعريف التوكل على الله
يمكن تقسيم تعريف التوكل على الله إلى شقين:
تعريف التوكل اصطلاحاً: يُفهم التوكل على أنه صدق العبد وإيمانه بأنه لا ملجأ له سوى الله، حيث يعتمد عليه لجلب الخير ودرء الشر، مع ضرورة السعي إلى الأسباب المشروعة. ومن المؤكد أن النفع والضر والعطاء والمنع بيد الله وحده، ولذلك ينبغي أن تكون القلوب متعلقة به وحده.
تعريف التوكل لغة: هو مصدر الفعل “توكل”، وتعني الاعتماد على الغير. فالتوكيل يعبّر عن التفويض للغير ليكون نائباً عنه. على سبيل المثال، عندما يُقال “تواكل القوم”، فهذا يُعبر عن اعتماد كل منهم على الآخر. بينما عندما نقول “وكلت أمري لله”، فهذا يعني اعتمادي المطلق على الله ولجوئي إليه.
بناءً على ما سبق، ينبغي لنا أن نكون واعين لبعض النقاط المهمة:
- يجب أن نفوض جميع أمورنا إلى الله والرضا بما يقدره لنا.
- أمر الله تعالى بالتوكل مذكور في العديد من الآيات، منها قوله تعالى: { وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }.
- التوكل يمثل وسيلة لجلب المنافع ودفع الأضرار، كما قال الله تعالى: { فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ }.
ثمار التوكل على الله
من يتوكل على الله يُحصل على العديد من الثمار، ومنها:
- يُعتبر التوكل من أعظم منازل العبادة، وهو أساس لكل أنواع العبادات.
- التوكل هو سبب رئيسي لدخول الجنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { دْخُلُ الجَنَّةَ مِن أُمَّتي سَبْعُونَ ألْفًا بغيرِ حِسابٍ، قالوا: مَن هُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، ولا يَكْتَوُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }.
- التوكل يجعل العبد يدرك قدرة الله وصفاته العظيمة.
- يمنح التوكل الفرد طمأنينة وراحة نفسية دائمة.
- التوكل يُعتبر وسيلة لحماية العبد والوقاية منه، كما ورد في قوله تعالى: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }.
- يعد التوكل شرطاً أساسياً من شروط الإيمان، كما قال الله تعالى: { وَقالَ موسى يا قَومِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيهِ تَوَكَّلوا إِن كُنتُم مُسلِمينَ }.
الفرق بين التوكل والتواكل
ثمّة فروق جوهرية بين التوكل والتواكل تتمثل في النقاط التالية:
- فرق في التعريف: يُعبر التوكل عن تفويض الأمر إلى الله والثقة به مع السعي واتخاذ الأسباب، بينما يعني التواكل التفويض لله مع عدم العمل والاجتهاد.
- الفرق من ناحية الحكم: يعتبر التوكل عبادة قلبية وجهنا الله للقيام بها للتقرب منه، وغالباً ما ينال المتوكل أجراً عظيماً في الدنيا والآخرة. ويُعد التوكل علامة من علامات المؤمنين، كما في قوله تعالى: { إنمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }، بينما يُعتبر التواكل محرمٌ لأنه يعيق العمل والاجتهاد.
- الفرق في النتائج: التوكل على الله يدفع المؤمن إلى التصرف بحكمة، ويغمر قلبه بالطمأنينة ويدفع عنه الخوف والقلق. في حين يسبب التواكل العجز والضعف، مما يعيق الفرد عن تحقيق أهدافه.
بهذا القدر، نكون قد أنهينا مقالنا الذي تناول تعريف التوكل، ثمار التوكل، والفروق بين التوكل والتواكل، مع ضرورة التأكيد على أن التوكل يجب أن يكون خالصاً لله دون الاعتماد على سواه.