قصيدة تجري على آمالك الأقدار
تجري الأقدار بحسب آمالك،
فكأنما هي أمانيك والأوتار.
ومن نال عناية ربه في الحياة،
تأتي الأمور كما يختار.
يا ابن الأعزاء الأنقياء،
لقد ورثت المجد من النجار.
أخلاق سامية ومعرفة راسخة،
وعزّ ووجاهة وفخر.
ومكارم تحيي المكارم بين الناس،
كالبحر في جوده العطّار.
تستزرع الأرض القاحلة وتجلي،
بها حسن يسرّ ويجنّي الثمار.
وبناء مجد تمثله للعالم،
تلك هي القباب العالية والأسوار.
ومآثر سطعت كضوء شعاعها،
تلك هي الشموس وهذه الأقمار.
وجمال لا نظير له،
تلك هي الرياض وهذه الأزهار.
لله يوم زفافك الأسمى، فقد
حسدتك العصور على ما أزهرت.
شهدت بمصر آية من البهجة،
تردد ذكرها الشعار.
منذ عهد إسماعيل لم ترَ مثلها،
مصر ولم تسمع بها المدن.
شهدت تجمع الخيول القديمة والحديثة،
والذكريات الماضية.
وتنافس الشرفان حيث التقيا،
فيها عيون العصر والآثار.
واكتمل فيها كل ما هو لطيف،
كأنها الدنيا تحتويها دار.
تهنيك، يا عمر ابن سلطان الندى،
ليلٌ توّج بالصفاء وهو نهار.
زُفّ إليك من سماء عفافها،
شمسٌ تخفض دونها الأبصار،
ومن بيت مجد قد فارقته،
بيت يفخر بمجد الزمان.
قصيدة صفاء يا كريمة آل خوري
صفاء، يا كريمة آل خوري،
وسعدا في الصباح والعشية.
كأنك، يا عروس الشعر، تفيضين
من مزاج رقيق، ندى ونور.
أبَت لك كل حسن أن تلاقي،
مشابهة لعينة وحور.
ولا أبيك ما عدلتك بكراً،
بعدل الفكر والقلب النقي.
وجهك كالصباح، له صفاء،
يكاد يكشف عن أقصى الضمير.
وألفاظك تنم عن الصفات،
كما ينم النسيم عن العبير.
وقد يخجل الغصن اعتدالا،
وزهور ولطف في الخطور.
تبدين كما لو خلقت بلا عيب،
لأنك قد عشت بلا نكير.
أحاول في وصفك بعبارات،
لما امتلكت من فضل كبير.
وفي قلمي حلى ملك كريم،
فما اتسع البيت أو النثر.
أنت جديرة بأحب روح،
كريم الطبع ذو شعور سامي.
فتى ذو نبعتين عريق فخر،
لكن ليس بالصلف الفخور.
بعيد الشأو فيما يرغب،
لرفعته مجد في المسير.
وما ترضى عزائمه الأمور،
له شأناً سوى الشأن الجليل.
رقيق الطبع ونبيل شبابه،
وفيه شمائل الرجل الكبير.
فحيا الله في الأعراس عرسا،
جلا شمساً إلى بدر منير.
ويا قمري، مرابعنا هنيئة،
قرانكما، فدوماً في سرور.
وطيوف وارفلة، أمنًا ويمنًا،
مدى الأيام في حبر الحبور.
يزيد جمال سعدكما شرفًا،
بنسل صالح وكثير من الخير.
قصيدة أتاجرة النفائس والغوالي
أتاجرة النفائس والغوالي،
من الأطراف المزخرفة والحرير.
أنت عجيبة بين الغواني،
كعصرك بين العصور الخالية.
وهل من الغريب كمتجر قريب،
نراه عند مطلع القمر المنير؟
يجد الأسواق بحسنك زينة،
وتبقى فيه منازل باذخة.
وبيتك بيت سادة كرام،
تلك هي العفة والأسرار.
وفيك جمال غانية حصان،
وقد يقال لمثلها أغلى المهور.
يقولون إن التجارة خلق سوء،
مسمى بالشح والطمع.
وإن فيها فضائل قد تنافي،
صفات الغيد من خير ووفاق.
وكم أثر استضاء علقته،
بأذيال العفاف من الفجور.
فما استرعى سماءك عن تعال،
صدى تلك الوساوس في الصدور.
وما يعني بريء من حديث،
يُروى عن عذول أو عذير.
فكنت بما تجاريه وسيط بر،
يدر من الغني على الفقير.
وكم حجج من الصدقات بلج،
نفيت فيها اعتراض المحب.
وكم حققت أن السوق حرز،
حريز للحرائر كالخدور.
ألا، يا بنت العصر ما لك،
به خطر بلا عمل هائل.
حطمت القيد فيه لم تراعي،
سوى قيد الفضيلة في المسير.
ورمت من الحياة مرام غز،
يشق على العصامي القدير.
فلم تستكبري بأن تكوني،
على حكم الصغيرة أو الصغير.
ولم تستصغري التجارة قدراً،
عن الإيوان والملك الكبير.
نعم، وما أطيب من الطهر حصن،
سوى خفر الشمائل والضمير.
وأي رام بين الناس مجدا،
فليس يعيبه سوى القصور.
قصيدة لك يا وليد تحية الأحرار
لك، يا وليد، تحية الأحرار،
كتحية الجنات والأطيار.
أقبلت، وجهك بالطهارة أبلج،
والوقت مرجوح والربيع مدبج.
آيات جمال لم تكُن مظاهرة،
للخير فيك، ولا وضعت البشائر.
لو كنت يماما لصاحب إمارة،
لرددت الدنيا بأنك فتى.
ولقالت النجاة أن يثاب بما افترى،
تلك العلائم في الأوراق والعمر.
لكن وُلدت كما اتاح لي القضا،
ما دري أحد من البشر ما قدَر.
فأنت لك ابن، لأنثى بولد،
سر لهذا الناس يكشفه الغد.
عن سائم بين الرعية ضائع،
أو كأن نجما ساطع.
ما حكمة الرحمن فيك أتنجلي،
عن أحد في القوم أم عن أول؟
فلئن ارتقيت إلى مقام إمارة،
يوماً، فأنت كعيسى من مغارة.
وأحق ما حصلت على العلاء لنائل،
ما نلته من همة وفضائل.
ما لي وما لأبوك، فليست من أمر،
هي شيمتي، وأبوك لا يعنيه ما.
وهو السعيد بأن أمك أهله،
ألمزدهي عجبا بأنك نجله.
فسرور كل لمن مهنئ بك لم يكن،
إلا بذاتك إن تعز وإن تهن.
يرجون أن تحيا وإن لم تنبغ،
لا يبتغون لك ما قد تبتغي.
أمنية الآباء لا يعدّونها،
وهي التي للطفل يشهدونها.
وسوى الحياة من الأمل لا يدعونها،
لله يقضي في الوليد أموره.
فهو الذي يرقى العلي القادرا،
وهو الذي يضع الوضيع الصغر.
إن شاء جاء الطفل في وقته،
أو جاء بيده من ولاداته.
أو شاء خالف وقته فذكاؤه،
كلظى الحريق، شعلته وضياؤه.
ولقد عوضّنا قدومك حسرة،
وأقرّ أعين والديك مسرة.
حيث تتألّق الرياض بتجلياتها،
فتفتقّ مسرورة بشائرها.
كلكم متهلل في كمه،
متناول ألبانه من أمه.
ألم لا تغذي طفلها من ضروعها،
وأرض تغذي أمه من زرعها؟
فما الذي دون الأزهار قد عابه،
أبواك يا هذا الصبي، وإن هما؟
أي القسوس أتى بالنبات فتزوج،
شيئاً ببعض منه كيما يُنتجا؟
هل يكون ثغاث عندما يغرد،
في ذاك الريش الملون الرائد؟
وهل الرياح تذم أن تحمل،
نسم الهوى الدوري من ذكر إلى؟
ومن الذي يرمي السوابح بالخنا،
ويرى مناسبة السباع من الزنا؟
هن استبحن إناثهن بلا نهى،
والمرء فرق باختيار بينها.
سن العفاف كما ارتأى فضيلة،
ودعا الخلاف نقيصة ورذيلة.
ناط الزواج بصيغة تتعدد،
أشكالها كعدد الطوائف.
فإذا اصطفى ما شاء من أعراضها،
وجرى على المرعي من أغراضها،
قالوا أتى نكرا ونكر قولهم،
لولا تبجحهم وطولها.
دفع ادعاءهم وأبطل زعمهم،
زمن طوى تحت الغباوة ظلمهم.
يا طفل، قلبك المتردد،
أو ما ترى شبحا عبوسا أسودا؟
هذا أساء إليك قبل المولد،
وجنى عليك جناية المتعمد.
زعم الإله يريد مثلك مذنباً،
من يومه، ومعاقباً ومعذباً.
تالله إن تنظره نظرة مغضب،
تزهقه إرهاق الشهاب لغيهب.
لكن أراك تبش بشة سامحة،
وأراك ترمقه بعين المصافح.
رسل المسيح الشاربين دماءه،
الآكلين بدون تقوى أحشاءه.
أفذبحكم ذاك الذبيح لفدية،
أم تلك مأساة تعاد لكدية؟
ما أجمل الصلاح منكم خلة،
وما أبشع الظلام منكم فعلة.