مختارات شعرية رومانسية من تأليف أحمد شوقي
- يقول الشاعر:
مضنى القلب بلا حراك
غير أنني أستريح إذا رأيتك
واليوم يميل بي فرحاً حين
تلتفت، كغصن الأراك
إن الجمال قد أحاط بك من
ورق المحاسن الذي زادك
فنبت بين ضلوعي
والقلب من عذبه يسقيك
ليت اعتدالك كان لي
منه نصيبٌ في حبك
يا ليت شعري ما الذي
منعك عن حبي وما أعاقك
ما زرتُ في غابة الحمى
إلا وتقودني رائحتك
والقلب خافق كتير
يهيم في عشقك وجهك
- ويقول أيضاً:
فداها نساء الأرض من جركسية
عندها سيرة بين الملوك تُحتفى
إذا برزت في وضح النهار قميصها
تستبدل به شمس الضحى فيغار
وإن نهضت تمشي كأن قوامها
محاط بنساء طوال وقصار
لها مبسم علّق العقيق لأجلها
وعاشت لآل العقيق صغار
وقطعة خد كأنما جنة
لعينيك يا رائي، إذا هي نار
- ويقول كذلك:
وزهرتان على عود يحملها
كعاشقين اطمأنتا مع اللقاء الهادئ
لما رأيتهما في كفّي ذوتا
من فوق، واهٍ من الأعواد خوان
أيقنت أن أمان العشاق لا يجمع
إلا ليماثل خيط العنكبوت الفاني
- ويواصل القول:
متعاشقان من الزهور تجلّوا
بمنظر رائع بين الأغصان العجيبة
يتنسمان الحب بينهما، فما
لفمٌ على غصن النبات رطيب
عاجل الردى بهما ولا عجب إذا
ما افترقا بين الهوى والطيب
قصيدة في زهرتَي ذا العود من أهل الهوى
في زهرتَي ذا العود من
أهل الهوى جُمعت صفات
كالعاشقين التقيا
لكنهم على سُرر النبات
متناغمين يواجهان الحـ
<pـب من كل الجهات
هذا بوجهه أحنى
ولذا يلتفتان لبعضهما
لكن في الفجر الحي
<pـة وفي الضحى يكون لهما الفراق
قسماً لقد عاشا ولم
يخلفا أملاً، ففات
من لي بسوق الحياة
حيث يقال خذ وهات
فأبيع عمري في الهموم
بساعة في الطيبات
قصيدة أم الملائك والبدور
أم الملائك والبدور،
مرحبًا بك في هودجك الطهور
حين أقلتك فاض من
نور الزيارة والمزور
عطر الأستار كأنما
صُغت من تلك الأستار
الله أكبر، إذ طريط
على المدائن والثغور
أقبلت كالرزق الكري
م وكالشفاء وكالسرور
الشمس تزهر في السماء
وأنت أزهار في الخدور
وممالك ابنك تزدهي
ورعية ابنك في حبور
في موكب مشرق الجلال
وجلال مُلكك المهيب
لفت الزمان بجلاله
بين الخصور والسفور
الناس فوق طريقك
كازدحامهم يوم النشور
يمشون نحوك بالمصاحف
ذبحاً ونذوراً
فكأنما بشّروا
بالطهر عائشة البشير
طافوا بهودجها، انغمروا
في المثوبة والأجور
يتساءلون عن العناية
كيف مُنّت بالظهور
وعن السعادة، هل تُجرّ
الذيل في الزحام الكبير
ولقد أشرتِ بيديك
فكبّروا ليُقدّر المشير
قال اليتيم، عرفتها
وسما لها بصر الفقير
هلا مددتِ يد النوايا
للكلّ للقبل الكثير؟
يا بنت إلهامي الذي
بهر الخلائق بالمهور
وبراحة فوق السحاب
وفوق مقدرة البحور
كان المعظم في الخواص
على الصدور
أما العزيز محمد
فثناؤه نور العصور
ضُربت به الأمثال في
فضل وفي كرم وخير
ولفتاكِ عند الحوادث
أقرّ حلمًا من ثبير
الدين والدنيا له
فضل من الله القدير
ملء المحافل، ملء عيون
زمانه، ملء السرير
نسبٌ خطير، زانه
مانيت من حسب خطير
أمن الشموس حفيدتا
ك البرتاني أم البدور؟
أم من كريمات الحسن
حين صبحي يوم النقور؟
فتحيةً وعطية،
نور يسير بجانب نور
قصيدة بي مثل ما بك يا قمرية الوادي
بي مثل ما بك يا قمرية الوادي،
ناديت ليلى فقومي في الدجى نادي
وأرسلي الشجو أسجاعاً مفصلة
أو رددي من وراء الأيك إنشادي
تلفت الروض حين صحت هاتفة
كما تلفتت الركبان بالحادي
كم هاج مبكاك من مجروح أفئدة
تحت الظلام ومن مقروح أكباد
لا تكتمي الوجد، فالجرحان من شجن
ولا الصبابة، فالدمعان من واد
يا حلوة الوعد، ما نسّاك ميعادي
عن الهوى، أم حديث الشامت العادي؟
كيف انخدعت بحسادي وما نقلوا؟
أنتِ التي خلقت عيناك حسادي
طرفاي وطرفك كانا في الهوى سببا
عند اللقاء ولكن طرفك البادي
تذكري هل تلاقينا على ظمأ
وكيل بل الصدى ذو الغلة الصادي
وأنت في مجلس الريحان لاهية
ما سِرت من سامر إلا إلى نادي
تذكري منظر الوادي ومجلسنا
على الغدير كعصفورين في الوادي
والغصن يحلو علينا رقة وجوى
والماء في قدمينا رايح غاد
تذكري نغمات ههنا وههنا
من لحن شادية في الدوح أو شادي
تذكري قبلة في الشعر حائرة
أضلّها فمشت في شعرك الهادي
وقبلة فوق خد ناعم عطر
أبهى من الورد في ظل الندى الغادي
تذكري قبلة من فيك أجعلها
من اللقاء إلى أمثاله زادي
تذكري موعداً جاد الزمان به
هل طرت شوقاً وهل سابقت ميعادي
فنلت ما نلت من سؤل ومن أمل
ورحت لم أحص أفراحيوأعيادي