حمى البحر الأبيض المتوسط
تمتاز حمى البحر الأبيض المتوسط العائلية (بالإنجليزية: Familial Mediterranean Fever) بأنها اضطراب جيني وليس عدوى، و يتم تشخيصها في الغالب من خلال الفحص السريري والتحديد الجيني للطفرات (بالإنجليزية: Gene Mutation). وتعكس هذه الحالة وراثة صفة جينية متنحية (بالإنجليزية: Autosomal Recessive Trait)، وهذا يعني أن الأعراض تظهر فقط إذا كان هناك طفرة جينية عند كل من الوالدين. سُميت حمى البحر الأبيض المتوسط بهذا الاسم لأنها أكثر انتشاراً بين سكان المناطق المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، مثل العرب واليهود والأتراك والأرمن.
أعراض حمى البحر الأبيض المتوسط
تظهر أعراض حمى البحر الأبيض المتوسط عادةً في مرحلة الطفولة، حيث تتجلى في نوبات تستمر بين يوم وثلاثة أيام. وقد تدوم بعض الأعراض، مثل التهاب المفاصل (بالإنجليزية: Arthritic Attacks)، لأطول من ذلك، حيث يمكن أن تمتد لبضعة أسابيع أو حتى أشهر. غالباً ما يتخلل هذه النوبات فترات من الراحة قد تكون خالية من الأعراض، تختلف مدتها من حالة لأخرى؛ إذ يمكن أن تستمر عدة أيام أو حتى سنوات في بعض الحالات. إليك بعض الأعراض الشائعة المرتبطة بحمى البحر الأبيض المتوسط:
- ارتفاع درجة الحرارة (الحُمّى).
- آلام في البطن.
- ألم في منطقة الصدر.
- ألم وانتفاخ في المفاصل.
- ظهور طفح جلدي أحمر على الساقين، وخصوصاً تحت الركب.
- شعور بآلام عضلية.
- انتفاخ وألم في كيس الصفن (بالإنجليزية: Scrotum).
أسباب حمى البحر الأبيض المتوسط
على عكس الاضطرابات المناعية الذاتية (بالإنجليزية: Autoimmune Diseases) التي تقوم فيها المناعة بمهاجمة خلايا الجسم، فإن حمى البحر الأبيض المتوسط العائلية تُصنف كاضطراب التهابي ذاتي (بالإنجليزية: Autoinflammatory Disease)، مما يعني أن جهاز المناعة لا يعمل بشكل صحيح. هذه الاضطرابات الالتهابية تدفع الجسم إلى الاستجابة بهجمات التهابية دون سبب واضح، وغالباً ما يكون مرتبطاً بطفرات جينية. الجين المعني في هذه الحالة هو جين MEFV، حيث يكون الأب والأم حاملين لنُسخ غير طبيعية من هذا الجين وينقلانها إلى طفلهما.
على وجه العموم، تؤثر الطفرة الجينية MEFV على الكروموسوم رقم 16 في الحمض النووي (بالإنجليزية: DeoxyriboNucleic Acid)، والذي يرتبط بإنتاج بروتين البايرين (بالإنجليزية: Pyrin) المتواجد في بعض أنواع خلايا الدم البيضاء. هذا البروتين له دور حاسم في تنظيم استجابة جهاز المناعة والتحكم في الالتهابات. كما أن هناك عوامل متنوعة قد تحفز ظهور نوبات حمى البحر الأبيض المتوسط، منها العدوى (بالإنجليزية: Infection)، الإصابات الجسدية، التمارين البدنية الشاقة، الدورة الشهرية والتوتر النفسي.
مضاعفات حمى البحر الأبيض المتوسط
قد تؤدي حمى البحر الأبيض المتوسط العائلية إلى عدد من المضاعفات إذا لم يتم تقديم العلاج المناسب. وفيما يلي بعض من أبرز هذه المضاعفات:
- المتلازمة الكلوية: (بالإنجليزية: Nephrotic syndrome) تنجم عن اضطرابات في الكبيبات الكلوية (بالإنجليزية: Glomeruli) المسؤولة عن عملية فلترة الدم، مما يمكن أن يسبب حالات صحية مثل فقدان البروتين عبر البول، تخثر الوريد الكلوي (بالإنجليزية: Renal Vein Thrombosis)، أو الفشل الكلوي (بالإنجليزية: Kidney Failure).
- العقم: (بالإنجليزية: Infertility) قد تؤدي حمى البحر الأبيض المتوسط إلى العقم في النساء نتيجة تأثير الالتهابات على الأعضاء التناسلية.
- التهاب المفاصل: (بالإنجليزية: Arthritis) حيث تظهر آلام المفاصل بشكل شائع في الركبتين، الكاحلين، الوركين والمرفقين.
- الداء النشواني: (بالإنجليزية: Amyloidosis) الذي ينتج نتيجة إفراز نخاع العظم بروتينات غير طبيعية تعرف بروتين أميلويد أ (بالإنجليزية: Amyloid A Protein). يؤدي ذلك إلى تراكم هذه البروتينات في مختلف الأعضاء مثل الكلى، القلب، الكبد، والطحال، مما يزيد خطر فشلها.
علاج حمى البحر الأبيض المتوسط
حالياً، لا يوجد علاج نهائي لحمى البحر الأبيض المتوسط العائلية، لكن العلاجات المتاحة تساعد في الوقاية من أعراضها والسيطرة عليها. فيما يلي بعض العلاجات المستخدمة:
- الكولشيسين: (بالإنجليزية: Colchicine) يعد من الأدوية الرئيسية لعلاج حمى البحر الأبيض المتوسط، حيث يؤخذ عادة مرة أو مرتين يومياً عن طريق الفم لتخفيف الالتهاب والنوبات. وتجدر الإشارة إلى أن زيادة الجرعة عند حدوث النوبات ليست ضرورية، لأن الكولشيسين يعمل على الوقاية من النوبات بدلاً من علاجها عند بدايتها. قد يسبب الكولشيسين بعض الأعراض الجانبية مثل الانتفاخ وآلام البطن والإسهال، وفي هذه الحالة يمكن ضبط الجرعة تدريجياً حسب تحمل المريض.
- أدوية مضادة للالتهاب: وهي أدوية تثبط عمل بروتين الإنترلوكين-1 (بالإنجليزية: Interleukin-1)، الذي يلعب دوراً مهماً في عملية الالتهاب. من أمثلة هذه الأدوية: كاناكينوماب (بالإنجليزية: Canakinumab)، رينولاسيبت (بالإنجليزية: Rinolacept)، والأناكينرا (بالإنجليزية: Anakinra). يستخدم عادة عند عدم استجابة المريض للكولشيسين أو في حالة عدم تحمل آثاره الجانبية.