قصيدة الحب، روحكِ معناه
- يقول الشاعر:
الحب روحكِ معناه،
والحسن لفظكِ هو مبناه،
أرحم فؤاداً في هواكِ غدا،
مضنياً وحماه حمياه،
تمت برؤيتكِ المنى، فحكت،
حلمّا تمتعنا برؤياه،
يا طيب عيني حين آنسها،
يا سعادة قلبي حين ناجاه،
قصيدة لعينيكِ من جارة جائرة
- يقول الشاعر:
لعينيكِ من جارة جائرة،
شقائي ومالي العاثرة،
أتنأين عني وتجفيني،
لإرضاء طائفة ما كره،
برئنا إلى الحب، لا ذنب لي،
ولا لجيبتي الهاجرة،
لكنهم علموها الجفاء،
وخطوا لها خطة القاصرة،
وأصغوا إلى قول واش بها،
وحاش لها أنها وازرة،
أذاك الجبين وبلورته،
يمثل فكرتها الخاطرة،
أتلك العيون وأنوارها،
مراء لأخلاقها الباهرة،
أتلك الشفاه وما قبلتها،
سوى ألم ولذة زائرة،
أذاك القوام ومن حسنه،
تميل الغصون له صاغرة،
أتلك الطفولة وهي سياج،
لروض به نفسها طائرة،
أذاك العفاف ومما صفا،
تقر به المقل الناظرة،
محاسن بغي وأخلاق إثم،
وزينة عاطلة فاجرة،
لعمري إنهم اتهموك،
بما في نفوسهم الخاسرة،
وإن الذي عاب منك السفور،
كمن قال للشمس يا سافرة،
وإني أهواك ملء عيوني،
وملء حشاشتي الصابرة،
وملء الزمان وملء المكان،
ودنياني أجمع والآخرة،
فإن يستملك إلي الهوى،
وعين العفاف لنا خافرة،
أليس الهوى روح هذا الوجود،
كما شاءت الحكمة الفاطرة؟
فيجتمع الجوهر المستدق،
بآخر بينهما آصره،
ويأتلف الذر وهو خفي،
فيمثل في الصور الظاهرة،
ويحتضن الترب حب البذارر،
فيرجعه جنة زاهرة،
وهذي النجوم أليست كدر،
طواف على أبحر زاخرة،
عقود نتثر بانتظام،
على نفسها أبدًا دائرة،
يقيدها الحب بعضًا وكل،
إلى صنوها صائرة،
فيا هند أنتِ منى مهجتي،
وناهية القلب والآخرة،
إليك أميل وغلاك أبغي،
بعاطفة في الهوى قاهرة،
وما ثم عيب نعاب به،
معاذ صبابتنا الطاهرة.
قصيدة يا حبيباً ما لي سواه حبيب
يَا حَبِيبًا مَا لِي سِوَاهُ حَبِيبُ،
وَبِهِ كَانَ مِنْ صِبَايَ هِيَامِي،
أَنْتَ لَوْ لَمْ تَكُنْ أَلِيفَ شَبَابِي،
لَمْ تُطِبْ لِي نَضَارَةُ الأَيَّامِ،
لَسْتُ أُخْفِي عَلَيْكَ سِرًّا أَلِيمًا،
هُوَ شَكْوَى دَفِينَةٌ فِي عِظَامِي،
كُلُّ شَيْءٍ تَهْوَاهُ أَهْوَاهُ إِلَّا،
أَنْ أَرَى لِي شَرِيكَةً فِي غَرَامِي،
وَبِوَدِّي لَوْ كُنْتَ لِي لِي وَحْدِي،
أَنِّي أَقْصَرْتُ عَنْكَ مَلامِي،
مَا الَّذِي جَدَّ يَا حَبِيبَةَ قَلْبِي،
وَذِمَامِي كَمَا عَهِدْتِ ذِمَامِي،
هَذِهِ الرَّايَةُ الَّتِي مَلِكَتْ قَلْبَكَ،
هَمِّي فِي يَقْظَتِي وَمَنَامِي،
فَهِيَ كُلُّ لَحْظَةٍ شُغْلُكَ الشَّاغِلُ،
رَأْدَ الضُّحَى وَتَحْتَ الظَّلامِ،
إِحْذَرِي يَا حَبِيبَةَ القَلْبِ هُمَا،
لَيْسَ إِلَّا وَهْماً مِنَ الأَوْهَامِ،
يَا حَبِيبِي أَنَرْتَ ذِهْنِي وَأَشْبَعْتَ،
فُؤَادِي زَهْواً بِهَذَا الكَلامِ،
لَيْسَ فِيمَا يُصَانُ أَجْدَرُ مِنْ رَايَةِ مِصْرَ بِالصَّوْنِ وَالإِكْرَامِ،
أَنَا أَفْدِيكَ يَا حَبِيبِي وَتَفْدِيهَا،
وَيَفْدِيكُمَا جَمِيعُ الأَنَامِ،
بَلْ تَعَالَيْ نَنْشُدُ كِلَانَا وَكُونِي،
خَيْرَ عَوْنٍ لَصَبَّكِ المُسْتَهَامِ،
رَايَةَ اليُسْرِ فِي صَفَاءِ اللَّيَالِي،
رَايَةَ النَّصْرِ فِي اعْتِكَارِ الصِّدَامِ،
طَاوِلي كُلَّ رَايَةٍ وَأَعِزِّي،
قَوْمَنَا سَرْمَدًا عَلَى الأَقْوَامِ.
أشعار متنوعة لجبران خليل جبران في الحب
- يقول الشاعر:
إذا وهى الحب فالهجران يقتله،
إن تمكن فالهجران يحييه،
صغيرة النار عصف الريح يطفئها،
ومعظم النار عصف الريح يذكيها.
- ويقول أيضاً:
ضعي على عينيكِ بلورة،
لتسلمي من وهج الهاجرة،
ويسلم العالم من فتنة،
تشبهها ألحاظك الساحرة.
- ويقول أيضاً:
وحيكِ يا سيدتي أمينة،
جاء من الهدى بما تتغنينه،
في مثل حي تخلدينه،
يثير شجو النفس الرزينة،
ويستدر الدمع السخينة،
آانت برنتي أسرة مسكينة،
مجيدة مرهقة حزينه،
أخلاقها قويمة مكينة،
لكنها لم تعرف السكينة،
ولا رضا كانت به قمينه،
نبوغها كما تصورينه،
شذ بها فحطم السفينة،
وصفتها صادقة أمينة،
في قصة محكمة رصينة،
لغتها فصيحة مبينة،
حكمتها واعظة متينة،
وتلك يا سيدتي أمينة،
مأثرة جديدة ثمينة،
مما على الأيام تبذلينه،
لمصر من جهد فما تألينه،
وفخر مصر أنها مدينة،
بما تقولين وتفعلينه،
وتبدعينه وتنقلينه،
لمرتقى جيل تجددينه،
بينت للقرية والمدينة،
ما بهما من قدرة أمينة،
إن جليت أنوزها الدفينة،
ليس النساء صوراً للزينة،
هن القوى المسعفة المعينة،
ما أنجح الشأن الذي يلينه،
ما أصلح النشء الذي يبنينه،
أحسنت يا سيدتي أمينة.
- ويقول أيضاً:
رَأَيْتُهُ وَرَآنِي،
فَأُولِعَ القَلْبَانِ،
كَأَنَّ سِحْرًا عَرَاهُ،
كَأَنَّ سِحْرًا عَرَانِي،
أَجَابَ لَحْظِي لَمَّا،
بِاللَّحْظِ مِنْهُ دعَانِي،
وَكَادَ يَكْبُو فُؤَادِي،
مِنْ شِدَّةِ الخَفَقَانِ،
وَذُقْتُ مَا لَمْ أَذُقْهُ،
مِنْ لَذَّةِ النِّيرَانِ.
شعر جميل للشاعر في حب مدينة القدس
- يقول الشاعر:
سلام على القدس الشريف ومن به،
على جامع الأضداد في إرث حبه،
على البلد الطهر الذي تحت تربه،
قلوب غدت حباتها بعض تربه،
حججت إليه والهوى يشغل الذي،
يحج إليه عن مشقات دربه،
على ناهب للأرض يهدي روائعا،
إلى كل عين من غنائم نهبه،
فسبحان من آتاه حسناً كاه،
به أوتي التنزيه عن كل مشبه،
تلوح لمن يرنو أعالي جباله،
أشد اتصالاً بالخلود وربه،
وأي جمال بين سمرة طوده،
وخضرة واديه وحمرة شعبه،
وأين يرى مرج كمرج ابن عامر،
بطب بطيب مجانيه وزينات خصبه،
هو البيت يؤتي سؤله من يؤمه،
فاعظم به بيتًا وأكرم بشعبه،
به مبعث للحب في كل موطئ،
لأقدام فادي الناس من فرط حبه،
وليس غريباً فيه إلا بشخصه،
فتى زاره قبلاً مراراً بقلبه،
تفضل أهلوه وما زال ضيفهم،
نزيلاً على سهل المكان ورحبه،
بإكرام إنسان قليل بنفسه،
لكنه فيهم كثير بصحبته،
سأذكر ما أحيى نعيمي بأنسهم،
ووردي من حلو اللقاء وعذبه.