ماهي التوبة؟
التوبة تُعرف بأنها العودة عن المعاصي والذنوب، والتخلي عن الأفعال المحرّمة التي قد يرتكبها المسلم. يُشترط في التوبة أيضاً إعادة الحقوق إلى أصحابها في حال تعلق الأمر بحقوق للعباد. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ). وفيما يلي سيتم تناول موضوع التوبة عن الزنا وبيان شروط التوبة الصحيحة.
أسباب عدم قبول التوبة من الزنا
تعتبر جريمة الزنا من أكبر الكبائر، وقد حذر الله عز وجل ورسوله الكريم من الاقتراب منها أو التعرض لها؛ حيث قال تعالى: (وَلَا تَقرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلًا). وأثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه: “لَا يَزْنِي العَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ”. أما بالنسبة لقبول التوبة أو عدمها، فإن باب التوبة مفتوح للزاني وغير الزاني، حيث تُقبل التوبة عن كافة الذنوب إذا توافرت شروطها؛ كما جاء في قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). لذا، يُنصح المؤمن بعدم اليأس من التوبة والاستغفار في حال ارتكابه لأي ذنب، وأن يسعى جاهدًا لقطع الأسباب التي تؤدي إلى المحرمات، وليتوجه إلى الله بالدعاء، ولتقرب إليه بأداء الفرائض وأعمال الخير، رغبةً في قبول توبته ومغفرة ذنوبه، وتحصيل الحسنات نتيجة صدق توبته واستمراره عليها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الإسلام يُجِبُّ ما قبله والتوبة تُجِبُّ ما قبلها”.
ومن الأدلة على قبول توبة الزاني ما يُروى عن ماعز -رضي الله عنه- أنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب تطهيره من الذنب الذي ارتكبه، وهو الزنا. فأمره النبي عليه السلام بالعودة والاستغفار، واستفسر من الصحابة عن حاله هل كان مجنونًا أم يتعاطى الخمر، حتى أقرّ بفعلته أربع مرات وطلب تنفيذ الحد عليه. وقد ورد في الحديث الصحيح بعد تنفيذ الحد على ماعز: “جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، فَقالَ: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، فَقالُوا: غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ. فقالَ رَسُولُ اللهِ: لقَدْ تَابَ تَوْبَةً لو قُسِمَتْ بيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ.”
شروط التوبة الصحيحة
توجد شروط لا بد من تحقيقها للتوبة الصحيحة، وهي كما يلي:
- الندم القلبي على الذنوب التي تم ارتكابها.
- العزم على عدم العودة إلى الذنوب مجددًا.
- إرجاع الحقوق لأصحابها في حال وجود حقوق للعباد، وطلب المسامحة منهم في حالة كون الحقوق غير مادية أو عينية.
- قبول الله تعالى لتوبة العبد ما لم تقترب روحه من الموت، حيث قال تعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ).