رزق الله للعباد
لقد وضع الله -عزّ وجلّ- للقوانين الخاصة بالرزق، وهذه القوانين ثابتة ولا تتغير. ومن يتبع هذه القوانين سيحصل على رزق الله تعالى. فالله -جلّ وعلا- هو خالق الكائنات والمتكفل برزقهم، كما قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). ومن القوانين التي ذكرها القرآن الكريم هو أن الرزق يتطلب السعي والبحث، ومن يريد الرزق عليه أن يسعى لتحقيقه مع التوكل على الله، كما أشار إلى ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وبما أن الله -تعالى- هو الذي يوزع الأرزاق بين عباده بعلمه وحكمته، يجب على العبد أن يؤمن بأن رزقه آتٍ إليه، فلا ينبغي له أن يعجل به أو يسلك طرق الحرام، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (لا تستبطئوا الرزق، فإنَّهُ لم يكن عبدٌ ليموت حتى يبلغه آخر رزقٍ هو لهُ، فاتَّقُوا الله، وأجملُوا في الطَّلب، أخذ الحلال، وترك الحرام).
أسباب جلب الرزق
إن الله -عزّ وجلّ- تكفل بأرزاق جميع المخلوقات وقدر لها ما يكفيها من الرزق لتسير بها حياتها، فلا فرق بين إنسان أو نبات أو حيوان في ذلك، سواء كان الإنسان مؤمناً أو كافراً. وقد قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا). بينما يخصص الله عباده الصالحين برزق الإيمان وهدايته. وهناك مجموعة من الأسباب التي تسهم في استجلاب الرزق، وهي أسباب معنوية، فيما يلي توضيح لهذه الأسباب:
- تقوى الله -عزَّ وجلّ-: تُعد هذه السبب الأساسي الذي تنضوي تحته باقي الأسباب. فمن يسعى لمرضاة الله وقربه، يضاعف له رزقه من حيث لا يحتسب، كما قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
- الإكثار من الاستغفار: فقد أشار الله -تعالى- على لسان نبيه نوح بقوله: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).
- صلة الرحم: لها تأثير كبير في تحسين الرزق، وقد أكد على ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
- الإنفاق في سبيل الله: فالإنفاق يساعد على تحرير النفس من البخل، والله هو الذي أوجب الإنفاق، وقد رتب على ذلك جزاءً بمضاعفة الأموال.
- الزواج المبني على التعفف والإحصان وإرادة الذرية: حيث يعكس ذلك أن الله سوف يرزق صاحبه من حيث لا يحتسب، كما قال تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
- إكرام الضعفاء والإحسان إليهم.
- التبكير في طلب الرزق، فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبعث جيشه في بداية النهار.
- الهجرة في سبيل الله -تعالى-.
- التفرغ لعبادة الله بحضور القلب والخشوع أثناء العبادات.
- المتابعة بين الحج والعمرة، حيث قال رسول الله: (تابعوا بين الحجِّ والعمرة؛ فإنهما ينفِيان الفقر والذُّنوب، كما ينفي الكيرُ خبث الحديد والذَّهب والفضة).
منازل الرزق
قسم الله -عزّ وجلّ- الأرزاق بين العباد كما قسم بينهم الأخلاق والفضائل، فخلق منهم الفقير الذي لا يجد قوت يومه، والمسكن الذي يفتقر إليه. وكذلك يوجد العفيف الذي يعيش بين الناس دون أن يعيرونه اهتماماً، وهو فقير أيضاً. وغنيٌ هو من يملك ما يكفيه، وغنى الإنسان مراتب. فمنهم من يرضى بما تغطيه حاجاته، ومنهم من يملك ما يفوق حاجاته ويغوص في الكماليات.
أما من يعيش في بحور المال ويمتلك السلطة، فيجب أن يعلم أن كثيرًا من الناس يتوددون إليه، لكنه غالبًا ما يشعر بالقلق من زوال هذه الأموال، مما يؤثر على راحته النفسية. ويتحقق أن خير الرزق هو ما يتوسط بين الفقر والغنى، وهو رزق مضمون، لا يعيقه مانع، ولسوف يجلب كل جهد للعبد ما كتبه الله له، ولا ينبغي للعاقل أن يحزن على ما فاته من أمور الدنيا.
أنواع الرزق
هناك الكثير من الناس يعتقدون أن الرزق محصور فقط في المال، وهذا فهم خاطئ. وفيما يلي بعض الحقائق المتعلقة بأنواع الرزق:
- إضافة إلى المال، تشمل أنواع الرزق: الصحة، العلم، طاعة الله، الزوجة الصالحة، الحكمة، والأبناء. لذا، المال هو أحد أنواع الرزق وليس هو الرزق بحد ذاته، بل هو وسيلة لما هو أسمى.
- الرزق يُعرف بأنه ما ينفع الإنسان، فكل ما يحتاجه العبد يعد جزءاً من رزقه. أما ما زاد عن ذلك فيعتبر كسباً، ويحاسب الله -تعالى- كلا على كيفية كسبه. وعندما يموت الإنسان، فإن روحه تشهد على ما جمعه من مال، سواءً كان حلالاً أو حراماً، مادامت تنفق في ذلك. ومع ذلك، جاء التكليف بأن نكسب الرزق الطيب، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ).
آثار الإيمان باسم الله الرزاق
لكل من يؤمن باسم الله الرزاق آثار إيجابية تشمل:
- تحقيق اليقين بأن الرزق بيد الله وحده، وقد ربط ذلك بمشيئته لحكمة عظيمة.
- التوكل على الله مع الإدراك بأن الرزق قد كتب لكل إنسان منذ خلقه.
- الوعي بأن من أسباب دوام الرزق وجلبه هو شكر الله على نعمه، حيث يعد حقاً على الله سبحانه أن يُرزق من يشكره.
- مراقبة الله -تعالى- في كيفية تحصيل الرزق وتجنب الطرق المحرمة، مع العلم أنه سيُحاسب يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه وأين أنفقه.
مراجع
- ↑ سورة هود، آية: 6.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 9777، صحيح.
- ↑ أمير الحداد (15-12-2011)، “سنة الله في الرزق”، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية: 6.
- ↑ محمد ويلالي (18-4-2017)، “الأسباب العشرون لاستدرار الرزق (1)”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.
- ↑ “مفاتيح الرزق الحلال”، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 2-3.
- ↑ سورة نوح، آية: 10-12.
- ↑ سورة النور، آية: 32.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1133، حسن صحيح.
- ↑ خالد البليهد، “خاطرة: (منازل الرزق)”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 172.
- ↑ “أنواع الرزق”، www.nabulsi.com، 30-10-1992، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2019. بتصرّف.
- ↑ “الرزاق”، www.library.islamweb.net، 2-9-2012، اطّلع عليه بتاريخ 6-4-2019. بتصرّف.