أشكال القياس في الفقه الإسلامي

بعد الصلاة والسلام على أفضل الأنبياء وعلى آله وأصدقائه الكرام، يُعتبر القياس من الأصول المعترف بها بين علماء الأصول، وقد تم التأكيد عليها في القرآن الكريم. تتلخص الأصول في القرآن والسنة والإجماع والقياس، حيث يتمثل القياس في مقارنة حكم فرعي بحكم أساسي من أحكام الشريعة الإسلامية.

نبدأ بالرجوع إلى القرآن الكريم كمرجع أساسي، وإذا لم نجد الحكم المطلوب فيه، نستعين بالسنة النبوية للتوضيح. وفي حال عدم التوصل إلى نتيجة، نستند إلى رأي العلماء بالإجماع، وأخيرًا نلجأ إلى القياس، وهو ما سنتعرض له لاحقًا عند مناقشة أنواع القياس في الفقه الإسلامي.

تصنيف القياس حسب درجة العلة

يقوم تصنيف القياس من حيث درجة العلة على ثلاثة أنواع، كما يلي:

  • قياس الأولى: هنا نجد أن العلة الفرعية أقوى من العلة الأصلية. على سبيل المثال، قوله تعالى: (ولا تقل لهما أف). في هذه الحالة، يحظر قول “أف” للوالدين، ولكن ماذا عن ضرب الوالدين؟ الإيذاء موجود في كلا الحالتين، لكن الضرب يعتبر أشد، وبالتالي يُعتبر الحكم في حالة الضرب أولى بالحكم الشرعي.
  • القياس المساوي: يتعلق الأمر بمقارنة حكم فرعي بحكم آخر مماثل تمامًا. كمثال، أصل أكل مال اليتيم بالباطل يُعتبر أصلاً، بينما الفعل الفرعي المتمثل في “إحراق مال اليتيم” يمثل نفس الإيذاء حيث لا يعود المال لنفع صاحبه، وبالتالي تنطبق نفس القاعدة.
  • القياس الأدنى: يكون فيه الأصل أقوى من الفرع، كمثال قياس المسكرات على الخمر، مثل الربط بين النبيذ والخمر أو حتى الأدوية التي تحتوي على مكونات مسكرة.

اقرأ أيضاً:

القياس من حيث القوة

بالنسبة للقياس من حيث القوة، ينقسم إلى نوعين كما يلي:

  • قياس جلي: وهذا النوع واضح وصريح، ولا يحتاج إلى جهد أو بحث عميق، مثالاً عليه قياس ضرب الوالدين على قول “أف”، فإذا كان قول “أف” محرمًا شرعاً، فما الحال مع الضرب؟ هذا واضح ولا شك في تحريمه ويستوجب العقوبة.
  • قياس خفي: وهو النوع الثاني الذي يحتاج إلى التفكير واستخدام العقل في الاستنباط. كمثال على ذلك، الربط بين الخمر والنبيذ، حيث تكون العلة في الخمر قاسية بينما في النبيذ قد يتجه البعض للاختلاف في المكونات.

القياس من حيث اتجاهه

تتعدد أنواع القياس في الفقه الإسلامي، ومن بينها تقسيم يقيس إلى نوعين رئيسيين يتضمنان عدة أقسام، وهي:

  • قياس العكس: حيث يختلف حكم الفرع عن حكم الأصل، ويتم إثبات حكم عكسي. مثال على ذلك هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حول إتيان الشهوة في الحلال والحرام.
  • قياس الطرد: وهو قياس يربط بين الأصل والفرع، وينقسم إلى ثلاث فروع:
    • قياس العلة: حيث تكون العلة دالة على الحكم الشرعي.
    • قياس الدلالة: حيث يجمع بين الأصل والفرع بدليل العلة دون أن تُوجب الحكم.
    • قياس الشبه: حيث يتم ربط الفرع بأحد الأصليين الأكثر شبهًا به. يتم اللجوء إلى هذا القياس في حالات عدم القدرة على تطبيق القياسات السابقة.

يمكنكم الاطلاع على:

القياس من حيث مناسبة الحكم للعلة

ينقسم إلى قسمين رئيسيين:

  • قياس مؤثر: تشير فيه العلة بوضوح بناءً على نص قرآني أو إجماع العلماء، مثل علة إيذاء الوالدين.
  • قياس ملائم: وهو القياس الذي تؤثر علته بشكل مباشر على الحكم، مثل مشقة السفر التي تجلب التيسير في أداء العبادات.

تعريف القياس في الفقه الإسلامي

  • يُعرَف القياس لغويًا بأنه تقدير، واصطلاحًا هو إضافة حكم الأصل إلى الفرع لأنهما يشتركان في تلك العلة.
  • القياس جزء من الأصول الأربعة (القرآن، السنة، الإجماع، القياس) كما جاء في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)، (سورة النساء، الآية 59).
  • هذا دليل على الأصول التي ينبغي على كل مسلم الرجوع إليها في المسائل الشرعية. إذ يوجهنا القرآن إلى العودة إلى النصوص مقدماً لخطوات البحث التي تشمل العودة للسنة وإجماع العلماء.
  • إذا لم يتوصل العبد إلى الحكم من خلال الكتاب والسنة، فليستطلع رأي الفقهاء بعد دراسة مستفيضة.
  • في حال عدم وجود الحكم في جميع ما سبق، يعود الأمر إلى القياس، وهو مقارنة الحكم بمثيل له في القرآن أو السنة.

كما أدعوك للتعرف على:

أركان القياس

تشير أركان القياس في الفقه الإسلامي إلى العناصر الأساسية التي يستند إليها القياس الشرعي:

  • المقصود (الحكم الشرعي): فهم المسألة ويتمثل في تحديد الحكم الشرعي المراد تطبيقه.
  • المعتبر (العلة): السبب المؤدي لتشريع الحكم، مستندًا إلى الأدلة الشرعية.
  • المقارنة (التشابه): مقارنة المسألة بوضع مشابه لكي يتم استخلاص حكم مناسب.
  • عدم التنافي (عدم التناقض): تأكيد عدم وجود تناقض بين الحكم المستنبط والأدلة الشرعية الأصلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top