أبرز المفكرين الذين تناولوا موضوع النمو الاقتصادي في بريطانيا خلال الفترة من 1776 وحتى 1870 هم رواد المدرسة الكلاسيكية للاقتصاد، التي هيمنت نظرياتها على الفكر الاقتصادي والسياسي. في هذا المقال، سنستعرض هؤلاء الرواد مع تقديم ملخص مختصر عن كل واحد منهم.
رواد المدرسة الكلاسيكية للاقتصاد
ركز رواد المدرسة الكلاسيكية على أهمية تعزيز النمو الاقتصادي من خلال حرية الأسواق وضرورة تقليل تدخل الحكومة في الأنشطة الاقتصادية. وقد سُميت هذه المدرسة بالكلاسيكية لتمييزها عن الليبرالية الاجتماعية التي طرأت عليها تغييرات في ستينات القرن العشرين. من أبرز رواد المدرسة الكلاسيكية للاقتصاد:
1- آدم سميث
يُعتبر آدم سميث المؤسس الرئيس للمدرسة الكلاسيكية للاقتصاد، وله الفضل في ترسيخ مفهوم الاقتصاد كعلم مستقل. أشار سميث إلى أن التجارة الحرة، التي تعزل عن تدخل الدولة، ستعزز النمو الاقتصادي.
عندما يسعى كل فرد لتحقيق مصالحه الشخصية ضمن نظام يتمتع بالحرية والديمقراطية، فإن ذلك سيعود بالنفع على المجتمع ككل. وقد طرح أفكاره في كتابه “ثروة الأمم” الذي نُشر عام 1776، ولكن لم ينجح في تطبيق أفكاره بسبب عدم توافقها مع آراء مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية في المجتمع الإنجليزي تلك الفترة.
2- دافيد ريكاردو
يُعتبر دافيد ريكاردو من أبرز الأسماء في المدرسة الكلاسيكية، وفي عام 1817، سعى لتطبيق أفكار هذه المدرسة بالاستناد إلى نظريات آدم سميث. وقد نشر أفكاره في كتاب “مبادئ الاقتصاد السياسي”.
راقب ريكاردو الشهرة بعد نشر مقالاته عام 1815، نتيجة للتغيرات في أسعار السلع والأرباح. وأصدر كتابه الثاني في عام 1818 الذي تناول الاقتصاد السياسي والضرائب.
وأشار ريكاردو إلى أن مالكي الأراضي الزراعية غالبًا ما يسعون للإثراء على حساب المستهلكين، مؤكدًا أن أجور العمال وأرباح الرأسماليين لا يمكن أن تزداد ما لم يكن هناك زيادة في إنفاق باقي شرائح المجتمع.
كما ذكر أن هذه الأرباح غالبًا ما تتجه نحو الانخفاض، مما قد يؤدي إلى ركود صناعي، وقد اعتبر كارليل أن علم الاقتصاد أصبح يتسم بالسلبية على يد مالتوس وريكاردو.
3- توماس روبرت مالتوس
يُعد توماس روبرت مالتوس من رواد المدرسة الكلاسيكية، واشتهر في كتابه الذي تناول البحث حول كيفية المواءمة بين الإنتاج والنمو السكاني. حيث تبين أن الزيادة في الموارد الاقتصادية تحدث وفقاً لمتوالية حسابية، في حين أن النمو السكاني يتسارع وفق متوالية هندسية.
وأشار إلى أنه في حال عدم اتخاذ تدابير للحد من النمو السكاني، فإن ذلك قد يؤدي إلى حدوث مجاعات.
دور الدولة في الفكر الكلاسيكي
يعتقد الكلاسيكيون أن على الدولة أن تتجنب التدخل في النشاط الاقتصادي بقدر ممكن، وأن تقتصر على تقديم خدمات التعليم، القضاء، الصحة، والشرطة. إن تدخل الدولة في الأسواق، كما يرون، قد يتسبب في تعطيل عمل هذه الأسواق وبالتالي تهدد النظام ككل.
وظيفة النقود في الفكر الكلاسيكي
يعتبر النقود لدى الكلاسيكيين وسيلة لنقل قيمة المنتجات وتسهيل عملية التبادل، فهي مجرد أداة وليست هدفًا في حد ذاتها. يهدف الاقتصاد في رأيهم إلى تحقيق مستلزمات الحياة الضرورية من سلع وخدمات تحقق المنفعة العامة.
يذهب الكلاسيكيون إلى أن جميع موارد الدولة الاقتصادية، بالإضافة إلى جميع الأنشطة الاقتصادية، تسعى نحو تنمية ثروات المجتمع. فالثروة الحقيقية تتجلى في السلع الاستثمارية والاستهلاكية، وليس فيما تمتلكه الدولة من نقود.
في الختام، تعرفنا على رواد المدرسة الكلاسيكية للاقتصاد، حيث يعتبر آدم سميث المؤسس الرئيسي لهذه المدرسة، التي ركزت على سياسة النمو الاقتصادي وضرورة حرية الأسواق مع الحد من تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي.