أرسل الله عز وجل نبيّه هود إلى قوم عاد ليدعوهم إلى ترك عبادة الأوثان والعودة إلى عبادة الله الواحد الأحد، الذي لا شريك له. عُرف قوم عاد بقوتهم الجسدية وبنيانهم المتين، وكان هود يطلب منهم أن يعبدوا الله الذي منحهم هذه القوى التي لا توجد عند غيرهم.
تعريف قوم عاد
يقصد بقوم عاد أولئك الذين أرسل إليهم نبيّ الله هود، وكانوا يسكنون منطقة الأحقاف في اليمن، المعروفة حالياً بجبل الرمل. بدأ هؤلاء القوم بعبادة الله عز وجل، فأنعم عليهم بالكثير من الخيرات والقوة، ليصبحوا أصحاب السيادة في الأرض.
وقد منحهم الله سبحانه وتعالى متاع الدنيا ليكون اختبارًا لهم حول كيفية شكرهم لهذا الفضل، لكنهم نتيجة لذلك كفروا وتجاهلوا نعمه وعادوا إلى عبادة الأصنام.
بعثة هود إلى قوم عاد
بدأت قصة بعثة هود بعد أن أنكر قومه فضل الله عليهم. لقد أرسل الله هود بينهم ليحثهم على عبادة الله الواحد الأحد وترك عبادة الأصنام التي لا تفيدهم بشيء، وكانت خطوات الدعوة كالتالي:
- أطلق هود دعوته في قومه لعبادة الله وحده، مُشددًا على ضرورة ترك عبادة الأحجار التي لا تحقق لهم أي نفع.
- ناقش هود مع قومه عن أهمية التوبة والاستغفار ليكسبهم الله المزيد من الخير والقوة والعز.
- عُرف قوم عاد بأنهم كانوا أول من اتخذ الأصنام كآلهة بعد نوح، لذا لم يتقبلوا دعوة هود وكذبوه وسخروا منه.
- على الرغم من الرفض، استمر هود في مقاومة الجحود باستخدام أسلوب الخطاب اللين والصبر.
المعجزات التي أظهرها هود مع قومه
لقد عاش سيدنا هود معجزة عظيمة رغم أنه كان محاطًا بقوم ذوي أجسام قوية، تتمثل هذه المعجزة فيما يلي:
- لم يتعرض هود لأي ضرر من قومه، رغم كونه بمفرده في مواجهة أقوياء.
- كان النبي هود يسخر من أصنامهم ويدعوهم لعبادة الله، ورغم ذلك لم يحدث له أي أذى.
- رأى العلماء في كفاح هود إعجازًا كبيرًا، على الرغم من أنه لم يُنزل عليه أي كتاب سماوي.
- وورد في القرآن الكريم في الآية رقم 66 من سورة الأعراف قوله تعالى: “قال الملأ الذين كفروا من قومه إنّا لنراك في سفاهةٍ وإنّا لنظنُّك من الكاذبين”.
رد فعل الملأ على دعوة هود
غالباً ما يتدخل الملأ في مثل هذه القصص، لاعتبارهم القوى المسيطرة والأغنى، فتكون مصالحهم الشخصية هي الأهم لديهم، مما يدفعهم لرفض أي دعوة قد تؤثر على مصلحتهم، وكان ذلك هو حال الملأ في زمن هود.
كما أن الملأ اعتبروا عدم منطقيه تولي المسؤولية من قبل شخص أقل منهم شأناً، مما ساهم في نشر الفساد وتقسيم المجتمع إلى طبقات. لهذا السبب، عانى هود من صراعات عدة خلال دعوته إلى قوم عاد.
هلاك قوم عاد
جاءت بعثة هود لقوم عاد لمصلحتهم، إذ أن عقوبة الكافرين عظيمة، وكان هود مدركًا أن عذاب الله آتٍ لهؤلاء القوم مهما بلغت قوتهم، وكان الهلاك كالآتي:
- بدأ عذابهم بعدما رفض الغالبية دعوة هود، حيث توقف المطر وحل الجفاف بالبلاد.
- وعندما سأل القوم عن سبب الجفاف، أوضح لهم هود أن ذلك غضب من الله، لكنهم جحدوه وسخروا منه.
- تعرضت الأشجار للذبول واصفرار الزروع، وعندما ظهرت سحب في السماء اعتقد قوم عاد أنها بشرى بمطر قادم.
- لكن سرعان ما تغيرت الأجواء من حرارة مرتفعة إلى برودة شديدة، ترافقت مع رياح عاتية أدت إلى شعورهم برجفة رهيبة.
- استمرت تلك الرياح لمدة سبع ليال وثمانية أيام، مما ألحق بهم الفناء، ولم يبق منهم سوى نبي الله هود ومن آمن به.
الدروس المستفادة من قصة قوم عاد
تحتوي قصة قوم عاد وموقفهم من دعوة النبي هود على العديد من العبر التي يمكن لاي شخص الاستفادة منها، وهذه الدروس تشمل:
- التوكل على الله سبحانه وتعالى حتى في أوقات الشدة كما فعل هود.
- الرجوع إلى الله جلَّ وعلا في طلب العون والمساعدة في كل وقت.
- سوء استخدام النعم التي منحها الله للعباد باستنكارها يؤدي إلى الهلاك، كما فعل قوم عاد عند استغلال قوتهم بشكل خاطئ.
- حكمة الله موجودة في كل الأمور، حتى في حال تأخر استجابته للدعاء.