أدوات الاستثمار المالي في الفقه الإسلامي
تُشير أدوات الاستثمار المالي في الفقه الإسلامي إلى العقود التي أقرها التشريع الإسلامي لزيادة رأس المال بوسائل شرعية ومشروعة. وقد حث الفقه الإسلامي على ضرورة الاستثمار وقدم مجموعة من الأدوات المالية التي تُستخدم في هذا السياق، ومن أبرزها:
الإجارة
تعرف الإجارة على أنها عقد يهدف إلى الحصول على منفعة مباحة وفقاً للتشريع الإسلامي، حيث يتم تحديد المنفعة والعوض بشكل واضح. وتتعدد التعريفات لكل من الفقهاء، لكن بشكل عام يمكن القول إن الإجارة هي عقد يهدف إلى الانتفاع بمنافع محددة، سواء كانت قيد البذل الفعلي أو موصوفة في الذمة، وذلك مقابل عوض محدد.
يُعد عقد الإجارة، عند استيفائه لجميع الشروط المذكورة في الشريعة الإسلامية، عقداً مشروعاً ومباحاً، حيث يدعو الدين الإسلامي إلى استثمار المال وتنميته بشكل حلال بدلاً من احتكاره أو تداوله بين الأفراد فقط. وبالتالي، تُعتبر الإجارة أداة فعالة لتنمية الأموال.
المضاربة
تشير المضاربة إلى مفهوم الكسب والسعي، حيث يتضمن عقد المضاربة قيام شخص بتقديم المال للآخر بغرض التجارة، وتوزيع الأرباح بين الطرفين. في هذا السياق، يوفر أحد الطرفين المال بينما يقدم الطرف الآخر الخبرة أو العمل، ويهدف العقد إلى تحقيق عائد مشترك للطرفين، مما يجعل المضاربة إحدى الصيغ التمويلية الأساسية في الفقه الإسلامي.
الاستصناع
يمكن تعريف الاستصناع على أنه طلب من شخص لصنع سلعة معينة وفق مواصفات محددة لم يتم تصنيعها بعد، باستخدام المواد التي يمتلكها الصانع، وذلك مقابل عوض مالي.
يُعتبر عقد الاستصناع جائزاً وفقاً لإجماع العلماء، وهو يُعد من العقود المستقلة ليس ببيع أو إجارة أو سلم. تتمثل الحكمة من تشريع هذا العقد في تسهيل الأمور بين الصانع والمستصنع عبر توفير السلع المطلوبة بمواصفات معينة، فضلاً عن تحصيل عوض مالي للصانع. ويعتبر التيسير على الأفراد هدفاً مهماً من أهداف التشريع الإسلامي، إلا أن الفقهاء وضعوا شروطاً محددة لضمان صحة عقد الاستصناع.
المرابحة
تُعرف المرابحة في المصطلح الشرعي بأنها عبارة عن إخبار البائع للمشتري بأنه قد اشترى سلعة بسعر معين مع إشارة إلى مقدار الربح المطلوب. على سبيل المثال، قد يقول البائع: “اشتريت هذه السلعة بمبلغ (100) دينار، وأبيعها لك بـ (110) دنانير”. توجد أيضاً تعريفات متعددة لعقد المرابحة، إلا أنها تتفق جميعاً على ضرورة تحديد الربح بوضوح ضمن شروط العقد.
كما ينبغي الإشارة إلى أن كل عقد مالي في الفقه الإسلامي له شروط وضوابط محددة، وعقد المرابحة يُعتبر وسيلة استثمارية مهمة تشهد حجمًا هائلًا من التعاملات المالية، لا سيما داخل البنوك الإسلامية.
المشاركة
تُعتبر المشاركة آلية تمويلية رئيسية في المصارف الإسلامية، حيث إنها تمثل نموذجًا استثماريًا يحقق أهداف ومبادئ الاقتصاد الإسلامي. يتمثل عقد المشاركة بين طرفين أو أكثر بحيث تُوزع الأرباح والخسائر المتعلقة برأس المال بشكل مشترك.
وعند وقوع خسارة، تُقسم بين الشركاء بناءً على نسب مساهماتهم. وقد ذكر الفقهاء أنواعًا متعددة لعقد المشاركة، مع تحديد الشروط والضوابط المرتبطة بها، مثل شركة الأموال وشركة الأعمال وشركة الوجوه.