تُعدُّ أول معركة بحرية في تاريخ الإسلام من الأحداث المهمة التي واجهت المسلمين في مسيرتهم لنشر الدين. فقد تطلب هذا نشر الإسلام الكثير من التضحيات والمعارك، إذ لم يأتِ الدين الإسلامي، الذي أنزله الله تعالى مع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، من دون صراعات وعزائم.
منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا، لا زالت هناك حروب تدور حول إعلاء كلمة الله، ولكن بالصورة نفسها كما في القرون الماضية. ففي الأزمنة القديمة، كانت الحروب بالسيف والرمح، بينما اليوم أصبحت المعارك تدور عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. في هذه المقالة، سنستعرض أول معركة بحرية ونقدم تفاصيلها.
ما هي أول معركة بحرية في الإسلام؟
- في بداية الأمر، لم يكن هناك اعتقاد لدى المسلمين بضرورة بناء أسطول بحري. لكن البيزنطيين هم من جلبوا هذه الفكرة إلى المسلمين.
- فقد كان المسلمون غير معتادين على الحروب البحرية، ولم يكن لديهم أي استعداد لإنشاء أسطول بحري.
- ومع ذلك، اعتبر المسلمون أن الأسطول البيزنطي يشكل تهديدًا كبيرًا للإسلام والمسلمين، مما دفعهم لبناء أسطول بحري لمواجهة هذا الخطر.
- كان أول من اقترح فكرة بناء الأسطول الإسلامي هو والي الشام، معاوية بن أبي سفيان، وعندما رأى المسلمون الأسطول البيزنطي موجودًا بالقرب منهم، أدركوا الحاجة إلى بناء أسطول بحري لمقاومة الأعداء.
- تم تنفيذ هذه الفكرة وبناء الأسطول في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه. استخدم المسلمون جميع السفن المتاحة في موانئ مصر والشام، وعندما أرادوا توسيع طلباتهم، قاموا بإنتاج المزيد من السفن على يد أمهر الحرفيين في هذا المجال، مما جعل عملية البناء تستغرق وقتًا قصيرًا.
- بعد الانتهاء من بناء الأسطول، قام المسلمون بتدريبات تهدف إلى القضاء على الأسطول البيزنطي. لكن عندما علم البيزنطيون بالخطط والنية لدى المسلمين، استعدوا لمواجهة حاسمة في معركة عُرفت بـ “ذات الصواري”.
ما هي أسباب معركة ذات الصواري البحرية؟
كان هناك ثلاث أسباب رئيسية أدت إلى اندلاع هذه المعركة:
- قيام أسطول المسلمين بغزو قبرص، وهو ما دفع البيزنطيين إلى التصدي للقوة البحرية الإسلامية هناك.
- محاولة البيزنطيين إحباط خطط المسلمين لغزو القسطنطينية، عاصمة بيزنطة.
- محاصرة المسلمين ومنعهم من الحصول على الخشب الكافي لبناء السفن اللازمة.
ما هي أحداث معركة ذات الصواري؟
- في البداية، كانت القوة متباينة بين الأسطولين، حيث كان الأسطول البيزنطي بقيادة قسطنطين الثاني يضم ما بين 700 إلى 1000 سفينة حربية، بينما كان الأسطول الإسلامي يتكون من 200 سفينة فقط بقيادة والي مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح.
- أرسل عبد الله بن سعد نصف الجيش برفقة بسر بن أبي أرطأة للتوجه إلى اليابسة لملاقاة الجنود البيزنطيين هناك، كما أن ذلك كان بغرض استطلاع المكان.
- وبعد ذلك، خرج الأسطول البيزنطي لمواجهة المسلمين، حيث كانت الرياح تصب في صالح البيزنطيين، ومع هدوء الرياح، أعطى عبد الله بن سعد الأمان بين الطرفين.
- قضى المسلمون ليلتهم في العبادة والدعاء لله، حيث كانت أعداد الجنود البيزنطيين تفوقهم بشكل كبير، لكن الله كان معهم في هذه المعركة.
- وعند الصباح، بدأت المعركة بين الأسطولين، حيث بدأ التراشق بالسهام والحجارة. وعندما نفدت الحجارة من المسلمين، لجأوا إلى أسلوب الاقتراب من سفن الأعداء وتربطها بسلاسل حديدية، مما حول المعركة من قتال بالأسلحة إلى قتال بالسيوف والرماح.
ما فعله الجيش الإسلامي:
- قام المسلمون بربط سفنهم بسفن البيزنطيين وواجهوا أعداءهم بالسيوف والرماح، حيث ارتبطت سفينة عبد الله بن سعد بأحد سفن البيزنطيين.
- لكن السفينة البيزنطية حاولت جذب سفينة عبد الله، مما دفع أحد رفاقه، علقمة بن يزيد العطيفي، إلى قطع السلسلة بين السفينتين.
- لقد أظهر الجيش الإسلامي شجاعة لا مثيل لها، حيث استشهد العديد من الجنود في سبيل رفع راية الإسلام، بينما تكبد البيزنطيون خسائر فادحة.
- عبر الله سبحانه وتعالى عن صبرهم، حيث صمدوا في وجه العدو وقاتلوا بشجاعة حتى أسقطوا أعداداً كبيرة منهم. ومن لم يُقتل منهم هرب.
- ثبت الله تعالى قوة أسطول المسلمين، كما أشارت الآية الكريمة “وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله”. حيث كانت الأعداد بين المسلمين والبيزنطيين غير قابلة للمقارنة.
- نتيجة هذه المعركة، أصيب قسطنطين خليفة هرقل بجروح، وتمكن الله سبحانه وتعالى من نصرة المسلمين في هذه المعركة.
- بعد انتهاء المعركة، أقام عبد الله بن سعد ليلة في منطقة ذات الصواري قبل أن يعود في اليوم التالي إلى مكانه.
سبب تسمية معركة ذات الصواري بهذا الاسم
- سُميت معركة ذات الصواري بهذا الاسم نظراً لكثرة عدد صواري السفن التي شاركت فيها، حيث هُزم المسلمون قوات الأسطول البيزنطي بشكل مُذلٍ.
- وضعت هذه المعركة نهاية لسيطرة الأسطول البيزنطي على البحر الأبيض المتوسط.