تعتبر الفنون والعلوم الطبية من المجالات التي ترك فيها المسلمون أثرًا كبيرًا على مر العصور، حيث كان لديهم العديد من العلماء البارزين مثل ابن سينا والرازي والإدريسي وابن الهيثم وابن رشد. اليوم، نسلط الضوء على شخصية بارزة في التاريخ الإسلامي، وهو الحارث بن كلدة، الذي يعتبر أول طبيب في الإسلام، ويعود تاريخه إلى زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
الحارث بن كلدة نشأ في الطائف، وتلقى تعليمه الطبي في المدارس القديمة في اليمن قبل أن يسافر إلى فارس لاكتساب المزيد من المعرفة والخبرة. عُرف بموهبته الفائقة لدرجة أن كسرى الأول، ملك الفرس، عينه طبيبه الخاص. وإلى جانب مهارته الطبية، تميز الحارث بالفصاحة والذكاء.
الحارث بن كلدة: أول طبيب في الإسلام
- يعتبر الحارث بن كلدة الثقفي هو أول طبيب في الإسلام، وقد نشأ في مدينة الطائف قبل ظهور الإسلام.
- بدأ دراسته الطبية في المدارس القديمة في اليمن وسافر بعد ذلك إلى بلاد فارس، حيث حصل على معارف متنوعة في الطب والموسيقى.
- نتيجة لتفوقه في مجال الطب، عينه كسرى الأول طبيبًا خاصًا له، واشتهر بفصاحته وذكائه.
- من أقواله المشهورة في الطب:
- (المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وعودوا كل بدن ما أعتاد).
- يعتبر الحارث بن كلدة من أوائل الذين ساهموا في تطوير العلوم الطبية وترجمتها إلى اللغة العربية.
- خلال الفترة التي قضاها في بلاد فارس، اكتسب خبرات هامة في مجالات متعددة.
تابع أيضاً:
يمكنك الاطلاع على:
حوار الحارث بن كلدة مع كسرى ملك فارس
- عند سماع كسرى عن موهبة الحارث بن كلدة في الطب، أرسل إليه ليجري معه حواراً، وكان الحوار كالتالي:
- سأل كسرى: من أنت؟ أجاب: أنا الحارث بن كلدة الثقفي. قال: وما صناعتك؟ أجاب: الطب، فسأله: أَعربي أنت؟
- رد الحارث: نعم، من صميمها. قال كسرى: وما تصنع العرب بطبيب في ظل جهلها وضعف عقولها وسوء أغذيتها؟
- فأجابه الحارث: إذا كانت العرب في هذه الحالة، فهي بأمس الحاجة لمن يصلح جهلها ويعيد توازن صحتها.
- قال كسرى: وكيف تستطيع معرفة ما تقدمه لها؟ لو كنت عاقلًا لما نسبت نفسك للجهل؟
- أجابه: ينبغي للطفل أن يناغي ليتم علاجه، وللحية أن ترقى لتشفى.
- وأكمل الحارث قائلاً: “العقل هو نعمة من الله، وقد قسمه بين عباده.” مما جعل كسرى معجبًا بكلامه، فسأله عن مزايا العرب.
- أجاب الحارث: “للعرب قلوب جريئة، وألسن فصيحة، وأنساب شريفة. وعندما يتحدثون، يتدفق الكلام كما يتدفق السهم.”
- أثارت إجابات الحارث إعجاب كسرى، حيث قام بمعاملته باحترام.
استمرار الحوار بين الحارث وكسرى
- سأل كسرى: فما أصل الطب؟ قال الحارث: الأزم، وسأله كسرى: وما الأزم؟ أجاب: ضبط الشفتين والرفق باليدين.
- سأله كسرى: وما هو الداء الذي يصيب الناس بشدة؟ قال الحارث: إدخال الطعام على الطعام، وهو الذي يسبب الهلاك.
- فسأله كسرى: وما هي الجمرة التي تسبب الأمراض؟ قال الحارث: التخمة، وإن استمرت تسببت في الأذى.
- تحدث الحارث عن الحجامة وأي الأيام المناسبة لها، وتجهيز الجسم قبل دخول الحمام.
- وواصل الحارث تقديم نصائح حول الطعام والشراب، مشددًا على أهمية الاعتدال.
- وشدد على ضرورة اتباع نظام غذائي صحي للحفاظ على الصحة الجيدة.