العوامل المسببة لمشكلة المياه
تلوث المياه
يُعرف تلوث المياه بأنه دخول ملوثات إلى مصادر المياه المختلفة، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام. وتشمل هذه الملوثات المواد الكيميائية، والفضلات الناتجة عن الأنشطة المنزلية والصناعية، بالإضافة إلى الكائنات الدقيقة مثل الطفيليات والبكتيريا. قد يكون تأثير هذه الملوثات على مصادر المياه غير مباشر، حيث تستقر المواد الموجودة في الهواء على الأسطح المائية مثل البحيرات والمحيطات، كما أن النفايات والمواد الكيميائية التي تلوث التربة قد تتسرب في النهاية إلى المصادر المائية السطحية أو الجوفية. وبالتالي، فإن تلوث المياه يؤثر سلباً على الأنظمة البيئية المحيطة وعلى الاستخدامات البشرية للمياه.
التكسير الهيدروليكي
يعتبر التكسير الهيدروليكي من التقنيات المستخدمة لاستخراج النفط والغاز الطبيعي من المناطق التي يصعب الوصول إليها بأساليب الحفر التقليدية، وقد تم اكتشاف هذه التقنية في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي. تعتمد هذه الطريقة على استخدام كميات كبيرة من الماء، بالإضافة إلى الرمال والمواد الكيميائية، لتحطيم الصخور، مما يؤدي إلى استنزاف مصادر المياه. تساهم عمليات التكسير الهيدروليكي في إنتاج ملايين الجالونات من السوائل السامة التي تحتوي على مزيج من المواد الكيميائية، والمواد المشعة، والهيدروكربونات السائلة، وغيرها من المركبات السامة. علاوة على ذلك، قد تؤدي التشققات الناتجة عن العملية إلى تسرب المواد الكيميائية والغازات والمواد المشعة إلى مصادر المياه.
البنية التحتية المهترئة
توفر البنية التحتية البيئية خدمات إمداد المياه، ومكافحة التلوث، والتخلص من النفايات السائلة، وتشمل شبكات متنوعة من قنوات توزيع المياه، وأنظمة الصرف الصحي، ومحطات الضخ، وأنظمة معالجة المياه، مثل خزانات الترسيب والتهوية، والمرشحات، ومحطات تحلية المياه. إنّ سوء إدارة هذه البنية التحتية أو الإهمال المستمر لها على مدى سنوات يؤدي إلى تلويث موارد المياه.
مخلفات الصناعة
يستهلك قطاع الصناعة كميات ضخمة من المياه العذبة، كما يعزز تلوث مصادر المياه بشكل كبير. تنتج المصانع العديد من المخلفات السامة، التي قد تشمل مواد كيميائية مثل ثنائي الفنيل متعدد الكلور وثلاثي كلورو الإيثين، وهما من أخطر المواد الكيميائية التي تؤثر على البيئة والكائنات الحية. قد تتضمن المخلفات أيضاً نفايات عضوية مثل بقايا المبيدات الحشرية وسوائل التنظيف، أو المخلفات القابلة للتحلل من الفواكه والخضراوات، بالإضافة إلى مركبات غير عضوية مثل المحاليل الملحية المركزة والمعادن الثقيلة.
الزراعة
تستهلك الزراعة نسبة كبيرة تصل إلى حوالي 70% من المياه العذبة المتاحة، ولكن المشكلة تكمن في أن 60% من هذه المياه تُهدر لأسباب متعددة، مثل استخدام أنظمة ري قديمة تسرب كميات كبيرة من المياه، والاعتماد على أساليب غير فعالة في الري، فضلاً عن زراعة محاصيل غير ملائمة للبيئة المحلية، مما يتطلب كميات كبيرة من المياه. تؤدي هذه الممارسات الخاطئة إلى استنزاف موارد المياه الطبيعية من الأنهار والبحيرات والمصادر الجوفية، حيث تعاني العديد من الدول المنتجة للغذاء من نقص في المياه. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الزراعة في تلوث المياه العذبة من خلال استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية.
النمو السكاني
يساهم النمو المتسارع في الكثافة السكانية وزيادة معدلات الدخل في زيادة الطلب على المياه. يعيش حالياً حوالي 7.5 مليار نسمة في العالم، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 2.3 مليار بحلول عام 2050. سيساهم هذا النمو الهائل في تفاقم أزمة المياه، كما سترتفع نسب الطلب على منتجات تتطلب كميات كبيرة من المياه، مثل صناعة اللحوم وإنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري.
التغير المناخي
يؤدي التغير المناخي الذي يحدث على كوكب الأرض إلى ظروف مناخية قاسية تشمل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف. كما تؤثر حركة السحب بعيداً عن خط الاستواء نحو الأقطاب بسبب ظاهرة “خليّة هادلي” (Hadley Cell) على كمية الهطول في المناطق الاستوائية، كما هو الحال في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط وأمريكا الوسطى، مما يسبب اختلالاً في توافر المياه وتوزيعها العالمي.
استنزاف المياه الجوفية
تشكل المياه الجوفية حوالي 30% من مصادر المياه العذبة الموجودة في طبقات الصخور الجوفية. ومع ذلك، فإن استنزاف هذه الموارد يحتاج إلى إدارة حكيمة، حيث إن الاعتماد المستمر على المياه الجوفية لاستخدامات مثل الشرب والزراعة والصناعة قد يؤدي إلى استنزافها. تعتبر المياه الجوفية غير مرئية مثل المصادر السطحية، مما يستدعي ضرورة منحها الاهتمام والرصد المستمر لمستوياتها.
أزمة المياه
تغطي المياه حوالي 70% من مساحة سطح الأرض، لكن نسبة المياه العذبة لا تتجاوز 3% من الإجمالي، وثُلث هذه الكمية غير متاحة للاستخدام المباشر بسبب تجمّدها أو صعوبة الوصول إليها، مما أدى إلى أزمة في المياه. تشير التقديرات إلى أن تلك الموارد غير كافية لتلبية احتياجات البشرية والبيئة في العديد من المناطق، حيث يوجد 663 مليون شخص حول العالم محرومون من الوصول لمياه نظيفة وصحية طوال العام، ويعاني ثلثا سكان العالم من نقص المياه لمدة شهر واحد على الأقل سنوياً، وفقاً لمنظمة “إنهاء الفقر المائي” (End Water Poverty).
تُعتبر أزمة نقص المياه من أبرز أولويات التنمية العالمية، لكون المياه عنصراً أساسياً في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وإنتاج الطاقة والغذاء، والحفاظ على الأنظمة البيئية، وضمان حياة الإنسان. كما أنها تشكل عنصراً حيوياً في مواجهة التغير المناخي الذي يؤثر على الإنسان والبيئة على حدٍ سواء.